كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

للشذوذ، ومخالفته استمرار على مقتضى الدليل، على أنه قد قيل ما حاشا في حديث ابن عمر من مسند أبي أمية الطرسُوسيّ عن ابن عمر قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسامةُ أحبُّ الناسِ إليّ ما حاشا فاطمةَ". ومن ورود الجر بحاشا وإن كان هو المجمع عليه قول الشاعر:
حاشا أبي ثوبان إنَّ به ... ضَنًّا عن المَلْحاةِ والشَّتْمِ
كذا أنشده أكثر النحويين والصحيح:
حاشا أبي ثوبان إن أبا ... ثوبان ليس ببكمةَ فَدْمِ
عمرو بن عبد الله إن به ... ضنا عن الملحاة والشتم
والبيتان للجميح الأسديّ، وقبلهما:
وبنو رواحة ينظرون إذا ... نظر النديُّ بآنف خُثْم
ثم استثنى فقال حاشا أبي ثوبان. وقال المرزوقي رواه الضَّبيّ: حاشا أبا ثوبان، بالنصب.
وإذا وليها مجرور باللام فارقت الحرفية بلا خلاف، إذ لا يدخل حرفُ جر على حرف جرّ. وإذا لم تكن حرفا فهي إما فعل وإما اسم، فمذهب المبرد أنها حينئذ فعل والصحيح أنها اسم، فينتصب انتصاب المصدر الواقع بدلا من اللفظ بالفعل. فمن قال "حاشى الله" فكأنه قال تنزيها لله.
ويؤيد هذا قراءة أبي السمّال "حاشًى لله" بالتنوين، فهذا مِثل قولهم رعْيًا

الصفحة 308