كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

تركنا في الحضيض بنات عَوْجٍ ... عواكفَ قد خَضَعن إلى النُسورِ
أبحنا حَيَّهم، قَتْلا وأسْرا ... عدا الشَّمْطاءِ والطفلِ الصغيرِ
ومن النصب بها وإن كان هو المشهور قول الراجز:
يا مَن دحا الأرضَ ومن طحاها ... أنزِلْ بهم صاعقةً أراها
تحرّق الأحشاءَ من لظاها ... عدا سُلَيْمى وعدا أباها
ومن الجر بخلا قول الشاعر:
خلا اللهِ لا أرجو سواكَ وإنما ... أعُدُّ عيالي شُعْبةَ من عيالكا
هكذا رواه من يوثق بعربيته خلا الله، بالجر. واتفق النحويون إلا أبا عمرو والجرمي على وجوب نصب المستثنى بما عدا وما خلا كقول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا اللهَ باطلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ
لأن "ما" مصدرية، ولا يليها حرف جر، وإنما توصل بجملة فعلية، وقد توصل بجملة من مبتدأ وخبر. وروى الجرميّ عن بعض العرب جرّ ما استثني بما عدا وما خلا، والوجه فيه أن تُجعل ما زائدة وعدا وخلا في حرفي الجرّ، وفيه شذوذ، لأنّ ما إذا زيدت مع حرف جر لا تتقدّم عليه، بل تتأخّر عنه نحو (فبِما رحمةٍ) و (عمّا قليل).
ومن كلام العرب: "كل شيء مهه ما النساءَ وذَكرهن" ومعناه: كل شيء يسير ما عدا النساء وذكرهن. فحذفوا عدا وأبقوا عملها. وزعم بعض الناس أن "ما" ههنا بمعنى إلا وليس بشيء.

الصفحة 310