كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

قولهم: "كل شيء مههٌ ما النساءَ وذِكْرهنّ" ولنا أن نجعل سواك بعد الموصول خبر مبتدأ محذوف، على أن يكون مبنيا لإبهامه وإضافته إلى مبني كما فعل ذلك بغير في قوله:
لُذْ بقيْس حين يأبَى غيره ... تلْفه بحرا مفيضا خيره
وقد يكتفى بإلا وبغير عن المستثنى إذا عُرف المعنى. ولم تستعمل العرب ذلك بعد غير "ليس" فيقال: قبضت عشرة ليس إلا، وليس غيرُ وغيرَ: فالأول على تقدير ليس غيرُ ذلك مقبوضا، والثاني على تقدير: ليس المقبوض غيرَ ذلك. ومن هذا القبيل قول سيبويه في باب مجاري أواخر الكلم من العربية: "وأما الفتح والكسر [والضم] والوقف فللأسماء [غير] المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم [ولا فعل] مما جاء لمعنى ليس غير"
وذكر ابن خروف أنه رُوي مضموم الراء ومفتوحها، والأخفش يراه معربا في الحالين، ويرى أن التنوين نُزع للإضافة، لأن المضاف إليه ثابت في التقدير، وذكر أن بعض العرب ينوّن غيرا لأنه في اللفظ غير مضاف. قال السيرافي: وينبغي أن يكون تنوينه على وجهين: الرفع والنصب. قلت: تنوين "غير" يؤول على أنه معرب، لأن تنوينه إما للصرف، وإما للتعويض من المضاف إليه. وأيهما كان لزم كون ما هو فيه معربا، لأن تنوين الصرف لم يلحق مبنيّا، وتنوين العِوَض يوجب للمنوّن ماله مع المضاف إليه من بناء أو إعراب، لأنه قام مقامه، ولذلك حُكم ببناء "إذْ" وإعراب "كل وبعض".
وذهب المبرد وأكثر المتأخرين إلى بناء غير في: ليس غير، لشبهها بقبْلُ وبعْدُ

الصفحة 317