كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

التنكير، لئلا يتوهم كونهما نعتا ومنعُوتا. وأيضا فإن الحال فضلة ملازم للفضلية فاستثقل واستحق التخفيف بلزوم التنكير. وليس غيره من الفضلات ملازما للفضلية، لجواز صيرورته عمدة بقيامه مقام الفاعل كقولك في ضربت زيدا: ضُرِب زيدٌ. وفي اعتكفتُ يومَ الجمعة: اعتُكِف يوم الجمعة وفي اعتكفت اعتكافا مباركا: اعتُكف اعتكافٌ مبارك. وفي قمت إجلالا لك: قيم إجلال لك، فلصلاحية ما سوى الحال من الفضلات لصيرورته عمدة جاز تعريفه بخلاف الحال.
فإن قيل بعض التمييز بعد فعل قد يدخل عليه مِن فيصلح حينئذ أن يقام مقام الفاعل كقولك امتلأ الكوز من ماء: امتلئ من ماء، ومع ذلك لا يجوز تعريف التمييز. قيل مثل هذا في التمييز نادر فلا يعتد به فيحكم بجواز تعريفه. على أن الكسائي حكى عن العرب مطيوبَة بها نفسي فأقاموا التمييز مقام الفاعل. وإذا كان التمييز مستحقا للزوم التنكير مع أنه قد ندر قيامه مقام الفاعل فالحال بلزوم التنكير أحق، إذ لا تفارقه الفضلية بوجه.
وقد يجيء الحال معرفا بالألف واللام أو بالإضافة، فيحكم بشذوذه وتأوله بنكرة، فمن المعرف بالألف واللام قولهم: ادخلوا الأول فالأول، أي مترتبين، وجاءوا الجماء الغفير أي جميعا، وأرسلها العراك أي معتركة. ومنه قراءة بعضهم (ليُخرجَنّ الأعزُّ منها الأذلَّ). ومن المعرف بالإضافة قولهم: رجع عوده على بدئه، وجلس وحده، وفعل ذلك جهدَه وطاقته، والمعنى رجع عائدا وجلس منفردا وفعل جاهدا ومطيقا. ومن المعرف بالإضافة مؤولا بنكرة قولهم تفرقوا أيدي

الصفحة 326