كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

القائم حالا وكان المبني على الكلام الأول ما بعده. ثم قال: وحمل هذا على جواز فيها رجل قائما، وصار حين أُخّر وجه الكلام فرارا من القبح. وأنشد لذي الرمة:
وتحت العوالي في القَنا مُسْتَظِلَّةً ... ظباءٌ أعارَتْها العُيونَ الجآذرُ
وأنشد لغيره:
وبالجسم منّي بيّنا لو علمته ... شحوبٌ وإنْ تستشهدي العينَ تَشْهَدِ
وأنشد غير سيبويه:
وما لام نفسي مثلَها لي لائمٌ ... ولا سَدَّ فقْري مثلُ ما ملكتْ يدي
قلت: أشار سيبويه بقوله: حمل هذا على جواز فيها رجل قائما، أي أن صاحب الحال قد يكون نكرة دون مسوغ.
ومن المسوغات التي ذكرتها نحو قوله فيها رجل قائما، لكن على ضعف لإمكان الإتباع فإذا قدم الحال زال الضعف لتعذر الإتباع، وكان هذا بمنزلة قولنا في الاستثناء: ما قام أحد إلا زيد. فإن النصب مع تأخر المستثنى ضعيف لإمكان الإتباع. فإذا قدم المستثنى لزم النصب في المشهور من كلامهم لتعذر الإتباع. فظهر من كلام سيبويه أن صاحب الحال الكائن في نحو فيها رجل قائما هو المبتدأ. وذهب قوم إلى أن صاحبه الضمير المستكن في الخبر. وقول سيبويه هو الصحيح، لأن الحال خبر في المعنى، فجعله لأظهر الاسمين أولى من جعله لأغمضهما. وزعم ابن خروف أن الخبر إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا لا ضمير فيه عند سيبويه والفراء، إلا إذا تأخر، وأما إذا تقدم فلا ضمير فيه؛ واستدل على ذلك بأنه لو كان فيه ضمير إذا تقدم لجاز أن يؤكد وأن يعطف عليه وأن يبدل منه، كما فعل ذلك مع التأخر.

الصفحة 333