كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

لكونها على فاعلة. فإن حملت على رواية حملت على شاذ الشاذ، لأن لحاق تاء المبالغة لأحد أمثلة المبالغة شاذ ولما لا مبالغة فيه أشذ فيعبر عنه بشاذ الشاذ، والحمل على الشاذ مكروه فكيف على شاذ الشاذ. وإذا بطل القولان تعين الحكم بصحة القول الثالث وهو أن يكون الأصل (وما أرسلناك إلا للناس كافة) فقدم الحال على صاحبه مع كونه مجرورا. ومن أمثلة أبي علي في التذكرة زيدٌ خيرَ ما تكون خيرٌ منك، على أن المراد زيد خير منك خيرَ ما تكون، فجعل خير ما تكون حالا من الكاف المجرورة وقدّمها، وهذا موافق لقول ابن برهان.
ومن تقدم الحال على صاحبه المجرور بحرف قول الشاعر:
فإنْ تكُ أذْوادٌ أُصِبْنَ ونسوةٌ ... فلن يذهبوا فِرْغًا بقتل حبالِ
أراد فلن يذهبوا بدم حبال فرغا. وحبال اسم رجل. ومن ذلك قول الشاعر:
لئِنْ كان بَرْدُ الماءِ هَيْمانَ صاديًا ... إليَّ حبيبًا إنّها لحَبيبُ
أراد لئن كان برد الماء حبيبا إليّ هيمان صاديا. ومن ذلك قول الآخر:
تسَلّيت طُرًّا عنكم بعدَ بينكم ... بذِكْراكُم حتّى كأنكمُ عندي
أراد تسليت عنكم طرا. وربما قدم الحال على صاحبه المجرور وعلى ما يتعلق به الجار، كقول الشاعر:
غافِلا تعْرِضُ المنيَّة للمرْ ... ء فيُدعَى ولاتَ حين إباءِ
أراد تعرض المنية للمرء غافلا. ومثله:

الصفحة 338