كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

يرجع الحالبون. ومثله قول الشاعر:
سريعًا يهونُ الصعْبُ عند أولي النّهى ... إذا برجاءٍ صادقٍ قابَلوا اليَأسا
وحق المجرور بالإضافة ألا يكون صاحب حال كما لا يكون صاحب خبر، لأنه مكمل للمضاف وواقع منه موقع التنوين. فإن كان المضاف بمعنى الفعل حسن جعل المضاف إليه صاحب حال نحو عرفت قيام زيد مسرعا، وهو راكب الفرس عريا.
وإلى هذين المثالين ونحوهما أشرت بقولي "ولا يضاف غير عامل الحال إلى صاحبه" فعلم أن إضافة عامل الحال إلى صاحب الحال جائزة، وأن إضافة ما ليس عاملا في الحال إلى صاحبها غير جائزة، إلا ما استثني. ومن إضافة عامل الحال إلى صاحبها قوله تعالى (إلى الله مرجعُكم جميعا) ومثله قول الشاعر:
تقول أبنتي إنّ انطلاقَك واحدًا ... إلى الرَّوْع يومًا تاركي لا أباليا
قلت إلا أن يكون المضاف جزءه أو كجزئه. فأشرت بكون المضاف جزء ما أضيف إليه إلى نحو قوله تعالى (ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخوانا) وأشرت بكون المضاف كجزء ما أضيف إليه إلى نحو قوله تعالى (أنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهيم حنيفًا) وإنما حسن جعل الذي أضيف إليه جزؤه أو كجزئه صاحب حال، لأنه قد يستغنى به عن المضاف، ألا ترى أنه لو قيل في الكلام: نزعنا ما فيهم من غل إخوانا، واتبع إبراهيم حنيفا لحسُنَ، بخلاف الذي يضاف إليه ما ليس بمعنى الفعل وما ليس جزءا ولا كجزء، فإنه لا سبيل إلى جعله صاحب حال، لو قلت ضربت غلام هند جالسة أو نحو ذلك لم يجز بلا خلاف.
فصل: ص: يجوز تقديم الحال على عاملها إن كان فعلا متصرفا، أو صفة

الصفحة 342