كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

سيبويه وإنما قال الناس هذا منصوب على إضمار "إذا كان فيما يستقبل، وإذا كان فيما مضى" لأن هذا لما كان معناه أشبه عندهم أن ينتصب على إذا كان وإذ كان. فهذا نص على تقدير "أن كان" لم تدع إليه حاجة من قِبَل العمل، بل من قبل تقريب المعنى. والعامل إنما هو أفعل وقد تقدم دليل ذلك.
وإنما ذكرت نصّ سيبويه لئلا يظن مَن لا يعرف كلامه أن مذهبه مخالفا لما ذهبت إليه. وغير السيرافي من الشارحين لكتاب سيبويه مخالفون للسيرافي وذاهبون إلى ما ذهبت إليه. قال أبو علي في التذكرة مررت برجل خير ما تكون خير منك، العامل في خير ما تكون خير منك لا مررت، بدلالة زيد خير ما تكون خير منك. وصحح أبو الفتح قول أبي عليّ في ذلك. وقال أبو الحسن بن كيسان: تقول زيد قائما أحسن منه قاعدا، والمراد يزيد حسنه في قيامه على حسنه في قعُوده، فلما وقع التفضيل في شيء على شيء وضع كل واحد منهما في الموضع الذي يدل فيه على الزيادة ولم يجمع بينهما. ومثال هذا أن تقول: حمل نخلتنا بُسْرا أطيب منه رُطبا. ومما يعمل في الحال ولا يتقدم الحال عليه لضعفه الصفة المشبهة به ونحو زيد مثلك شجاعا وليس مثلك جوادا وكذا إذا حذف مثل وضمن المشبه به معناه كقولك زيد زهير شعرا، وأبو يوسف وأبو حنيفة فقها. ومنه.
فإنّي الليثُ مَرهُوبًا حماهُ ... وعندي زاجِرٌ دون افتراسي
وقد يتوسط هذا النوع بين حالين فيعمل في أحدهما متأخرا وفي الآخر متقدما قول الشاعر:
أنا فَذَّاكهم جميعًا فإنْ أمـ ... ـــــــدُدْ أُبِدْهم ولاتَ حين بقاءِ

الصفحة 345