كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

ولا يجرى مجرى العامل الظرفي غيره من العوامل المعنوية باتفاق، لأن في العامل الظرفي ما ليس في غيره، من كون الفعل الذي ضمن معناه في حكم المنطوق به، لصلاحية أن يجمع بينه وبين الظرف دون استقباح بخلاف غيره فإنه لازم التضمن غير صالح للجمع بينه وبين لفظ ما تضمن معناه، فكان للعامل الظرفي بهذا مزية على غيره من العوامل المعنوية أوجبت له الاختصاص بجواز تقديم الحال عليه. وأجاز الأخفش في الجملة الحالية المقرونة بالواو إذا كان العامل ظرفا ما أجاز في الحال الواقعة ظرفا أو حرف جر، فيستحسن أن يقال زيد وماله كثير في البصرة. ذكر هذه المسألة في كتاب المسائل.
وإذا وقع اسم يحسن السكوت عليه مع ظرف أو جار ومجرور ومعه ما يصلح للخبرية وللحالية جاز جعله خبرا وحالا بلا خلاف، إن لم يكرر ما في الجملة من ظرف أو حرف جر نحو في الدار زيد قائم وقائما. فإن كرر الظرف أو حرف الجر جاز الوجهان أيضا وحكم برجحان النصب، لنزول القرآن به. كقوله تعالى (وأمّا الذين سُعِدوا ففي الجنّة خالدين فيها) وكقوله تعالى (فكان عاقبتَهُما أنّهما في النار خالدين فيها). وادعى الكوفيون أن النصب في مثل هذا لازم، لأن القرآن نزل به لا بالرفع. وهذا لا يدل على أن الرفع لا يجوز، بل يدل على أن النصب أجود منه. فلو كرر الظرف والمخبر عنه لجاز الوجهان أيضا وحكم برجحان الرفع، لنزول القرآن به في قوله تعالى (وأمّا الذين ابْيضَّتْ وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) فإن كان ما تضمن الكلام من ظرف أو حرف جر غير مستغنى

الصفحة 347