كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

به تعين المخيّل للحالية والخبرية خبرا مع التكرار ودونه نحو: فيك زيد راغب، وفيك زيد راغب فيك. وأجاز الكوفيون نصب راغب وشبهه على الحال وأنشدوا:
فلا تَلْحَني فيها فإنَّ بحبِّها ... أخاك مُصابَ القلبِ جَمًّا بَلابلُهْ
والرواية المشهورة: مصابُ القلب جمٌّ، بالرفع، على أنّا لا نمنع رواية النصب، بل نجوّزها على أن يكون التقدير: فإن بحبها أخاك شغف أو فتن مصاب القلب. فإن ذِكْر الباء داخلة على الحب يدل على معنى شُغف أو فُتن، كما أن ذِكْر في داخلة على زمان أو مكان يدل على معنى استقر، وليس كذِكْر في داخلة على الكاف كقولك فيك زيد راغب. فلا يلزم من جواز نصب مصابَ القلب جما الحكم بجواز نصب راغب ونحوه. وإلى هاتين المسألتين أشرت بقولي: ولا تلزم الحالية في نحو فيها زيد قائما إلى قولي خلافا للكوفيين في المسألتين.
فصل: ص: يجوز اتحاد عامل الحال مع تعددها واتحاد صاحبها أو تعدده بجمع وتفريق. ولا تكون لغير الأقرب إلا لمانع. وإفرادها بعد إمّا ممنوع، وبعد "لا" نادر، ويضمر عاملها جوازا لحضور معناه، أو تقدم ذكره في استفهام أو غيره، ووجوبا إن جَرَت مَثَلا، أو بيّنت ازدياد ثمن أو غيره شيئا فشيئا مقرونة بالفاء أو ثم، أو نابت عن خبر أو وقعت بدلا من اللفظ بالفعل في توبيخ وغيره. ويجوز حذف الحال ما لم تنُب عن غيرها، أو يتوقف المراد على ذكرها. وقد يعمل فيها غير عامل صاحبها، خلافا لمن منع.
ش: قد تقدم أن للحال شبها بالخبر وشبها بالنعت، فكما جاز أن يكون للمبتدأ الواحد والنعت الواحد خبران فصاعدا ونعتان فصاعدا، فكذلك يجوز أن يكون للاسم الواحد حالان فصاعدا فيقال: جاء زيد راكبا مفارقا عامرا مصاحبا عمرا،

الصفحة 348