كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

متى ما تَلْقني فَردَيْنِ تَرْجُفْ ... رَوانِفُ ألْيتيكَ وتُسْتطارا
ومثال تعدد الحال بتفريق لتعدد صاحبها قول الآخر:
عهدتُ سُعادَ ذات هوى مُعَنّى ... فزِدتُ وعاد سُلْوانًا هَواها
وينبغي عند التفريق أن تجعل أول الحالين لثاني الاسمين وآخرهما لأولهما، ويتعين ذلك إن خيف اللبس لأنه إذا فعل ذلك اتصل أحد الوصفين بصاحبه وعاد ما فيه من ضمير إلى أقرب المذكورين واغتفر انفصال الثاني وعود ما فيه من ضمير إلى أبعد المذكورين، إذ لا يستطاع غير ذلك مع أن اللبس مأمون حينئذ. وأمّا إذا جعل أولى الحالين لأول الاسمين وأخراهما لثانيهما، فإنه يلزم انفصال الموضعين معا والأصل اتصالهما معا، لكنه متعذر فيهما ممكن في أحدهما، فلم يعدل عن الممكن مما يقتضيه الأصل إلا إذا منع مانع وأمن اللبس كقول امرئ القيس:
خرجتُ بها أمشي تَجُرُّ وراءَنا ... على أثَرَيْنا ذيلَ مِرْط مُرحَّل
ومثله:
لقي ابني أخويه خائِفًا ... مُنجِدَيْه فأصابوا مَغْنما
ومن الجائي على ما ينبغي قول عمرو بن كلثوم:
وإنّا سوف تُدركنا المنايا ... مقدّرةً لنا ومُقَدَّرينا
ويجب للحال إذا وقعت بعد إمّا أن تُردَف بأخرى معادا معها إمَّا، كقوله تعالى (إنّا هديناهُ السبيلَ إمّا شاكرًا وإمّا كفورًا) وإذا وقعت بعد "لا" وجب لها أيضا أن تردف بأخرى معادا معها "لا" كقولك: مَن وجد فلْيُنْفِقْ لا مسرفا ولا مُقترا، إلا أن الإفراد بعد إمّا ممنوع مطلقا، أعني في النثر والنظم، وأما

الصفحة 350