كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

الإفراد بعد "لا" فمستباح في الشعر كقول الشاعر:
قَهرت العِدَى لا مُسْتعينا بعُصْبةٍ ... ولكنْ بأنواعِ الخدائع والمكرِ
ويضمر عامل الحال جوازا لحضور معناه، أو لتقدم ذكره، والأول كقولك للراحل: راشدا مهديّا، وللقادم: مَبرورا مأجورا، وللمحدث: صادِقا، بإضمار: تذهب، ورجعت، وتقول. والثاني كقولك: راكبا، لمن قال: كيف جئت؟، وبلى مُسرعا، لمن قال: لم تنطلقْ، بإضمار جئت وانطلقت. ومنه قوله تعالى (بلى قادرين) بإضمار نجمع. ويضمر عاملها وجوبا، فمن ذلك الجارية مَثَلا كقولهم "حظيين بناتٍ صلفين كنّاتٍ" بإضمار عرفتم أو نحو ذلك. ومن المضمر عاملها وجوبا المبيّن بها ازدياد ثمن شيئا فشيئا أو غير ذلك كقولك: بعته بدرهم فصاعدا، تريد فذهب الثمن صاعدا، أو تصدّقْ بدينار فسافلا، تريد فانحطّ سافلا. ومن المضمر عاملها وجوبا الحال السادة مسدّ خبر نحو: ضرْبي زيدا قائما. وقد سبق بيان هذا النوع في باب المبتدأ.
ومن المضمر عاملها وجوبا الواقعة بدلا من اللفظ بالفعل في توبيخ وغير توبيخ؛ فالتوبيخ كقولك أقائما وقد قعد الناس، وأقاعدا وقد سار الركب? وكذلك إن أردت ذلك المعنى ولم تستفهم، تقول قاعدا قد علم الله وقد سار الركب قال سيبويه: "وذلك أنه رأى رجلا في حال قيام أو حال قعود وأراد أن ينبهه" ومن التوبيخ قولهم لمن لا يثبت على حال أتميميا مرة وقيسيّا أخرى، بإضمار أتتحول، وكقولك لمن يلهو وقرناؤه يجدّون ألاهيا وقد جدّ قرناؤك بإضمار أتثبت ونحوه.

الصفحة 351