كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

وقول الآخر:
عدوُّك مَن يُرضيك مُبْطِنَ إحْنةٍ ... ومُبدي دليل البُغض مثلُ صديقِ
ومنه قول امرئ القيس:
فجُزيتِ خير جزاء ناقة واحدٍ ... ورجعتِ سالمة القَرى بسلامِ
ولا ينكر كون الحال في الأصل جائزة الحذف، ثم يعرض ما يجعلها بمنزلة العمدة، فإن ذلك يعرض لغيرها كقوله تعالى (ولم يكن له كُفُوا أحدٌ) فإن "له" فضلة، ولو قدر حذفه انتفت الفائدة.
ونظيره من الصفات كقولك: ما في الدنيا رجل يبغضك، فيبغضك نعت للمبتدأ ولو حذف انتفت الفائدة، ومثل ذلك كثير.
والأكثر أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها، لأنها وإياه كالصفة والموصوف، ولكنهما أيضا كالمميّز والمميز، وكالخبر والمخبر عنه، ومعلوم أن ما يعمل في المميز والمميز قد يكون واحدا وغير واحد، وكذا ما يعمل في الخبر والمخبر عنه، فكذا الحال وصاحبها قد يعمل فيهما عامل واحد، وقد يعمل فيهما عاملان، ومثال اتحاد العامل في الأبواب الثلاثة: طاب زيد نفسا، وإن زيدا قائم، وجاء زيد راكبا. ومثال عدم الاتحاد في الثلاثة: لي عشرون درهما، وزيد منطلق، على مذهب سيبويه ومن وافقه، و (إنَّ هذه أمَّتَكم أمَّةً واحدةً) فأمة حال والعامل فيها اسم الإشارة، وأمتكم صاحب الحال والعامل فيها إنّ. قال سيبويه: هذا باب ما ينتصب فيه الخبر بعد الأحرف الخمسة انتصابه إذا كان ما قبله مبنيا على الابتداء، لأن المعنى واحد في أنه حال وأن ما قبله قد عمل فيه، ومنعه الاسم الذي قبله أن يكون محمولا على إن: وذلك إن هذا عبد الله منطلقا، وقال جل ذكره: "إن

الصفحة 354