كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

عددا ولم يكن فاعل المعنى أشرت به إلى أن للقائل: لي ملء الكيس ذهبا، وإردب قمحا، وجمام المكوك دقيقا، وأمثالها إبلا وغيرها شاء، وويحه رجلا. وحسبُك به أمرأ، ولله دره فارسا، وأبرحت جارا وأمثال ذلك أن يجر المميز بمن ظاهرة فيقول: من ذهب ومن قمح ومن دقيق ومن إبل ومن شاء ومن رجل ومن امرئ ومن فارس ومن جارٍ. وكذلك ما أشبهه. وليس له أن يفعل ذلك في مميز العدد نحو أحد عشر دينارا وعشرين دينارا. ولا فيما هو فاعل في المعنى نحو زيد أكثر مالا وطيب نفسا بتفجير أرضه عيونا.
فصل: ص: مميز الجملة منصوب منها بفعل يُقَدّر غالبا إسناده إليه مضافا إلى الأول، فإن صح الإخبار به عن الأول فهو له، أو لملابسه المقدر. وإن دل الثاني على هيئة وعُني به الأول جاز كونه حالا، والأجود استعمال "من" معه عند قصد التمييز. ولمميز الجملة من مطابقة ما قبله إن اتحدا معنى ماله خبرا، وكذا إن لم يتحدا ولم يلزم إفراد المميز، لإفراد معناه أو كونه مصدرا لم يقصد اختلاف أنواعه. وإفراد المباين بعد جمع إن لم يوقع في محذور أولى.
ش: المراد بمميز الجملة ما ذكر بعد جملة فعلية مبهمة النسبة نحو طبتُ نفسا. واشتعل رأسي شيبا، وفجرنا الأرض عيونا، وامتلأ الكوز ماء، وكفى الشيب ناهيا. وإنما أطلق مميز الجملة على هذا النوع خصوصا، مع أن كل تمييز فضلة على جملة، لأن لكل واحد من جزءَيْ الجملة في هذا النوع قسطا من الإبهام يرتفع بالتمييز، بخلاف غيره، فإن الإبهام في جزء من جملته، فأطلق على مميزه مميز مفرد، وعلى مميز هذا النوع مميز جملة. فالأكثر أن يصلح لإسناد الفعل إليه مضافا إلى المجعول فاعلا كقولك طابت نفسي، واشتعل شيب رأسي. ومنه (وسع كلَّ شيء علمًا)، لأن الأصل فيه: وسع علمُه كلَّ شيء. ومن هذا النوع قول الشاعر:
تلفتُّ نحوَ الحيِّ حتّى وَجدْتُني ... وَجِعْتُ من الإصْغاء لِيتًا وأخْدعا

الصفحة 383