كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

مقامه، وجاء التمييز على وفق المحذوف.
ثم قلت: "وكذا إن لم يتحدا" ففهم من هذا أنه يقال حسُن الزيدون وجوها وطهروا أعراضا، وجعلت ذلك مشروطا بألّا يلزم إفراد لفظه لإفراد معناه أو لكونه مصدرا لم يقصد اختلاف أنواعه. ففهم من ذلك أن من المميزات المباينة لما قبلها في المعنى ما يلزم إفراد لفظه لإفراد معناه، كقولك في أبناء رجل واحد: طاب بنو فلان أصلا، وكرُموا أبا، وكذا إفراد التمييز إذا كان مصدرا ولم يقصد اختلاف أنواعه كقولك: زكا الأتقياء سعيا، وجادت الأتقياء وَعْيا. فلو قصد اختلاف أنواع المصدر لاختلاف محالّه لجاز فيه ما جاز في أسماء الأشخاص كقولك: تخالف الناس أغراضا، وتفاوتوا أذهانا.
ثم قلت "وإفراد المباين بعد جمع إن لم يوقع في محذور أولى" وأشرت بذلك إلى أن المميز الذي لم يتحد بالأول معنى قد يكون بعد جمع، فيختار إفراده إذا لم يوقع في محذور كقوله تعالى (فإنْ طِبْنَ لكم عن شيء منه نفْسا) فالإفراد في هذا النوع أولى من الجمع، لأنه أخف والجمعية مفهومة مما قبلُ، فأشبه مميز عشرين وأخواته. فإن أوقع الإفراد في محذور لزمت المطابقة كقولك كرم الزيدون آباء، بمعنى ما أكرمهم من آباء، فلا بد من كون مميز هذا النوع جمعا، لأنه لو أفرد لتوهم أن المراد كون أبيهم واحدا موصوفا بالكرم. وفي الجمع أيضا احتمال أن يكون المراد كرُم آباء الزيدين، ولكنه مغتفر، لأن اعتقاده لا يمنع من ثبوت المعنى الآخر.
ص: ويعرض لمميز الجملة تعريفه لفظا فيقدر تنكيره، أو يؤوّل ناصبه بمتعدّ بنفسه أو بحرف جر محذوف، أو ينصب على التشبيه بالمفعول به لا على التمييز محكوما بتعريفه خلافا للكوفيين.
ش: قد يرد مميز الجملة مقرونا بالألف واللام فيحكم بزيادتها وبقاء التنكير كقول

الصفحة 385