كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

اللازمة لم يتميز لازم الأفعال من متعدّيها، بل كان اللازم يظن متعدّيا، ولا يعرض مثل ذلك إذا كان النصب على التشبيه بالمفعول به مقصور الاطراد على الصفات، شاذا في الأفعال: فإن في ذلك إشعارا بيّنا بالفرق بين المتعدي واللازم. ومما شذ وروده في الفعل ما في الحديث من قول راويه "إنّ امرأة تُهراق الدماء"أراد تُهراق دماؤها، وأسند الفعل إلى ضمير المرأة مبالغة، ثم نصب الدماء على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز وإلغاء الألف واللام. ويجوز أن يكون أراد تهريق ثم فتح الراء وقلب الياء ألفا، لا لأنه فعل ما لم يسم فاعله، بل على لغة طيئ، كما قال شاعرهم:
نَسْتوقِدُ النَّبلَ بالحضيضِ ونَصْـ ... ــطادُ نُفوسًا بُنَتْ على الكَرمِ
وكما قال الآخر:
أفي كُلِّ عام ماتَم تَبعثُونه ... على مِحْمرَ ثوَّبتُموه وما رَضا
أراد في الأول بُنيتِ، وفي الثاني رَضِي. إلا أن المشهور من لغة طيئ أن يفعل هذا بلام الفعل لا بعينه وحرف العلة في تهراق عين، فمعاملته معاملة اللام على خلاف المعهود.
ومن المنصوب بفعل على التشبيه بالمفعول به قوله تعالى (وكمْ أهْلكنا مِن قرية بَطِرتْ معيشَتها) ويحتمل أن يكون تمييزا على تقدير الانفصال والتنكير، ويحتمل أن يكون منصوبا على إسقاط حرف الجر، ويحتمل أن يكون الأصل بطرت مدة معيشتها، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب على الظرفية

الصفحة 388