كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 2)

نتغدى، والمعنى: لنتغدى. ويقول الرجل: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، أي لتأخذه، وهذا نصه.
وتكون لعل أيضا للاستفهام كقوله تعالى: (وما يدريك لعله يَزّكَّى). وكقول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الأنصار رضي الله عنهم وقد خرج إليه مستعجلا: "لعلنا أعجلناك".
وسبب إعمال هذه الحروف اختصاصها بمشابهة كان الناقصة في لزوم المبتدأ والخبر، والاستغناء بهما، فاللزوم مخرج لما يدخل عليهما وعلى غيرهما كألا وأما الاستفتاحيتين، والاستغناء بهما مخرج للولا ولوما الامتناعيتين، ولإذا المفاجأة، فإنهن يشبهن كان في لزوم المبتدأ والخبر، ويفارقنها بافتقار لولا ولوما إلى الجواب، وافتقار إذا إلى كلام سابق.
وضم أكثر النحويين إلى المشابهة من الوجه المذكور المشابهة بسكون الوسط وفتح الآخر، والصحيح عدم اعتبار ذلك، إذ لو كان سكون الوسط معتبرا لم يعتد بلكن لأن وسطها متحرك، ولو كان فتح الآخر معتبرا لزم إبطال عمل إن وأن وكأن عند التخفيف.
وزاد الزجاجي في المشابهة المعتبرة الاتصال بالضمائر المنصوبة، وهذا عجيب، فإن الضمائر المنصوبة لم تتصل بهذه الأحرف إلا بعد استحقاق العمل، فصح أن المعتبر من المشابهة ما اقتصرت على ذكره من لزوم المبتدأ والخبر والاستغناء بهما. إلا أن هذه الأحرف لما كانت فروع كان في عمل الرفع والنصب، قدم معهن عمل النصب على الرفع تنبيها على الفرعية، لأن الأصل تقديم الرفع، ولم يحتج إلى ذلك في "ما" المحمولة على ليس لأن فرعيتها ثابتة بيّنة الثبوت لعدم اتفاق العرب على إعمالها، وببطلان عملها عند نقض النفي بإلا، أو تقدم الخبر، أو وجود إنْ، فاستغنت عن جعل عملها عكس عمل كان.

الصفحة 8