كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

ونبهت بقولي "وجوبا" على إضافة إذ وإذا، مع أن الكلام على ذلك قد تقدم في باب الظروف. ثم قلت: "وجوازا راجحا إن لم تلزم وصدرت الجملة بفعل مبني" فنبهت على جواز الإعراب وترجيح البناء في نحو قوله:
على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصِّبا ... وقلتُ ألما أصْحُ والشيبُ وازعُ
وفي نحو قول الآخر:
لأجْتَذبَنْ عنهنّ قلبي تحلُّما ... على حينَ يَسْتَصْبينَ كُلَّ حليم
فإن كانت الجملة اسمية أو فعلية مصدرة بمضارع معرب جاز الإعراب باتفاق، والبناء عند الكوفيين، لصحة الدلالة على ذلك نقلا وعقلا؛ فمن الدلائل النقلية قراءة نافع (هذا يومَ ينفع الصادقين صدقهم) بنصب اليوم، مع أن المشار إليه هو اليوم لاتفاق الستة على الرفع. فلو جعلت الفتحة فتحة إعراب لامتنع أن يكون المشار إليه اليوم، لاستلزام ذلك اتحاد الظرف والمظروف، وكان يجب أن يكون التقدير مباينا للتقدير في القراءة الأخرى، مع أن الوقت واحد والمعنى واحد. إلا أن المراد حكاية المقول في ذلك اليوم، فلا بد من كونها ما يقتضي اتحاد المعنى دون تعدّده. وكفتحة (يوم لا ينفع) فتحة (يومَ لا تملكُ نفسٌ) في قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو. ومسمى (يوم لا تملك) في قراءتهما هو يوم الدين فلا يكون غيره في قراءة غيرهما. فيلزم من ذلك كون الفتحة بنائية وكون ما هي فيه مرفوع المحل. ولا يقدر "أعني"، لأن تقدير أعني لا يصلح إلا بعدما لا يدل على المسمّى دلالة تعيين، ويوم الدين دال على مسماه دلالة تعيين، فتقدير أعني غير صالح.

الصفحة 255