كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

تركتني حين لامالٌ أعيشُ به ... وحين جُنَّ زمانُ الناسِ أوْ كلَبا
وقد تكون "لا" النافية العاملة عمل ليس، فيتعين بقاء عملها، وكذا حكم "ما" أختها، ومن شواهد ذلك قول سواد بن قارب.
وكنْ لي شفيعًا يومَ لا ذو قرابةٍ ... سواكض بمُغْنٍ عن سوادِ بنِ قارِبِ
ومنها قول الآخر:
تبدّتْ لقلبي فانصرفتُ بوُدِّها ... على حين ما هذا بحين تصابى
وإذا أضيف اسم زمان إلى جملة اسمية امتنع عند سيبويه أن تكون مستقبلة المعنى. والذي حمله على ذلك أن الأصل فيما يضاف إلى الجمل من أسماء الزمان "إذ" في الماضي و"إذا" في المستقبل، وغيرهما تبع لهما. فللجاري مجرى إذ أن يضاف إلى جملة اسمية وإلى جملة فعلية فيقال آتيك حين يذهب زيد وحين زيد يذهب، كما يقال آتيك إذا يذهب زيد، وإذا زيد يذهب. ولا يقال آتيك حين زيد ذاهب كما لا يقال آتيك إذا زيد ذاهب. هذا مقتضى مذهب سيبويه – رحمه الله – أعني منع جواز دخول إذا على جملة اسمية وشبهها في إعراب صدرها. والصحيح جوازه لأمرين لكن على قلة. وقد أشرت إلى جواز ذلك في باب الظروف، وذكرته لأجل صحته نثرا ونظما، وأغنى ذلك عن قول ثان.
وقيدت الفعل الذي يضاف إليه "آية" بكونه متصرفا ليعلم أنها لا تضاف إلى غير متصرف كعسى وليس، ومن إضافتها إلى الفعل المجرد قول الشاعر:
ألِكْني إلى سلمى بآية أوْمأتْ ... بكفٍّ خضيبٍ تحت كُفّة مِدْرَعِ

الصفحة 258