كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

الإضافة إلى مصدر من معناها. ومن أجل ذلك لا يعود منها ضمير إلى المضاف إليها، كما لا يعود من المصدر. فإن سمع ذلك عُدّ نادرا كقول الأعشى:
وتبْرُدُبَرْدَ رداءِ العرو ... سِ رقْرَقَت في الصيف فيه العبيرا
وتَسخُنُ ليلةَ لا يستطيعُ ... نباحًا بها الكلبُ إلّا هريرا
ومنه:
مضَتْ سنةٌ لعام وُلدت فيه ... وعَشْرٌ بعد ذاك وحجّتانِ
وهذا مما خفي على أكثر النحويين. ولذلك قال ابن السراج: فإن قلت أعجبني يوم قمت فيه امتنعت الإضافة، لأن الجملة حينئذ صفة، ولا يضاف موصوف إلى "صفة".
ونبهت بقولي "ويجوز في رأي الأكثر بناء ما أضيف إلى مبني من اسم ناقص الدلالة" على جواز بناء غير ودون وبين وشبهها من الأسماء التي لا تتم دلالتها على ما يراد بها إلا بما تضاف إليه مع مناسبتها الحروف بعدم قبولها للنعت والتعريف بالألف واللام والتثنية والجمع، وبعدم اشتقاقها والاشتقاق منها. فغن ما فيها من مناسبة الحروف صالح لجعله سبب بناء على الإطلاق، لكنه ألغي في الإضافة إلى معرب واعتبر في الإضافة إلى مبني قصدا للمشاكلة. وبعضها أحق بالبناء من بعض، لكونه أزيد [شبها] كما ترى في "غير" من وقوعه موقع "إلا" وموقع "لا" نحو: قاموا غيرَ زيد، وزيد غير بخيل ولا جبان. وحكى الفراء أن بعض بني أسد يبنون غيرا على الفتح إلا إذا وقعت موقع إلا، تم الكلام قبلها أم لم يتم، نحو ما قام أحد

الصفحة 261