كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

ما سار في سُبْل المعالي سَيْرَه ... ولا كفى في النائبات غيره
أراد: ما سار سائرٍ سيره، ولا كفى كافٍ غيره. ومثله قول الشاعر:
فإن كان يُرضيكَ حتى تَرُدَّني ... إلى قَطَريٍّ لا إخالُكَ راضيا
أراد: فإن كان لا يرضيك مُرْضٍ.
ومن وقوعه بعد النهي قراءة هشام (ولا يحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) أي ولا يحسبنّ حاسبٌ. وعلى هذا يحمل قول الشاعر:
لم يمنع الشَرْب منها غير أن نطقتْ
كأنه قال: لم يمنع الشَّرْب منها مانع غير أن نطقت، فالنصب على الحالية أو على الاستثناء. وأما قوله تعالى (منا الصالحون ومنا دون ذلك) فعلى تقدير: ومنا صنف دون ذلك، فحذف الموصوف وقامت صفته مقامه، كما قال الشاعر:
لهم مسجدا الله المَزوران والحصا ... لكم قِبصهُ من بين أثْرى وأقْترا
أي من بين من أثرى ومن أقتر، فحذف "مَن" وهي نكرة موصوفة وأبقى صفتها. وبمثل هذا يوجه قوله تعالى (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) كأنه قيل: وحيل حوْلٌ بينهم وبين ما يشتهون. فحذف "حول" مصدر حيل، وأقيمت صفته مقامه. ومثله قول الشاعر:

الصفحة 264