كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

المضاف مطرحا لفظا ونيّة لقيل: قرأت هود، بلا تنوين؛ لأنه على هذا القصد اسم للسورة فلا ينصرف للتعريف والتأنيث. ومن الالتفات إلى المحذوف قوله:
يَسْقونَ من وَرَدَ البريصَ عليهم ... بَرَدى يُصفِّق بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ
أي ماء بردى، فحذف ملتفتا إلى الماء فذكّر، ولولا ذلك لقال تصفق لأن "بردى" اسم مؤنث. ثم إن القائم مقام المضاف في الإعراب إن امتنع استبداده به فهو قياسي. وإن صح استبداده به فهو سماعيّ. والمراد بالاستبداد به أن يكون المضاف إليه صالحا للفاعلية إن كان المضاف فاعلا، ولغير فاعلية إن كان غير فاعل؛ فالحذف في (واسأل القرية) قياسي لعدم استبداد القرية بوقوع السؤال عليها حقيقة، وكذا (وأشربوا في قلوبهم العجل) هو أيضا قياسي، لعدم صلاحية العجل لأن يكون مشربا في قلوبهم. وكذا (لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات. ومنه قول الأعشى:
فارَقَنا قبلَ أنْ نفارقَه ... لمّا قضى من جماعنا وَطَرا
أي قبل إرادة أن نفارقه. لا بد من هذا التقدير، لأن الفراق لا يكون من أحد المفترقين قبل الآخر. وأجاز ابن جني: جلست زيدا، على تقدير: جلست جلوس زيد ولا أرى ذلك، لأن المعنى لا يتعيّن، لاحتمال أن يراد جلست إلى زيد، فحذفت إلى وانتصب ما كان مجرورا بها، بخلاف الأمثلة التي مرّت، فنوعها قد أمن فيه اللبس، وجعل قياسا، بخلاف ما يوجد فيه الجزءان صالحين لعمل العامل حقيقة نحو ضربت غلام زيد، فإنه لو قيل فيه: ضربت زيدا لم يفهم المراد، لأن زيدا يصح استبداده بمفعولية ضرب، فيمنع الحذف من هذا النوع ما

الصفحة 266