كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

مصدرية كقول الأعشى:
ألمْ تغتمِضْ عيناك ليلة أرْمدا
فحذف المصدر وجعل "ليلة" قائما مقامه في المصدرية، كما قام المصدر مقام الظرف في طلوع الشمس وشبهه، وجعل ابن جني من هذا رواية بعض رواة بأبي عمرو عنه: (ونُزِل الملائكة تنزيلا) بضم النون وتخفيف الزاي، على تقدير: ونَزل نزول الملائكة. وفيه عندي نظر.
وإن كان المضاف مِثْلا جاز الحكم على المضاف إليه بالتنكير، فينعت به نكرة، نحو: مررت برجل زهيرٍ شعرا. ويجعل حالا للمعرفة نحو: هذا زيد زهيرا شعرا، لأن الأصل: مررت برجل مثل زهير، وهذا زيد مثل زهير، فحذف لفظ مثل ونوى معناه، فجرى مجرى ما نوى فيه معناه وإن كان لفظه لفظ المعرفة. ومن هذا النوع قولهم: تفرقوا أيادي سبا، فجعلوه حالا، وهو في اللفظ معرفة، لأنهم أرادوا مثل أيادي، فحذف مثل، وأقيم ما كان مضافا إليه مقامه في التنكير والإعراب. وروى الثقات ياء أيادي بالسكون، مع أن الموضع موضع نصب، لكن خفف للتركيب فألزم السكون، كما ألزم السكون ياء معد يكرب.
وقد يحملهم العلم بالمحذوف على حذف المضاف، ومضاف إليه هو مضاف إلى ثالث يستغنى به عن الأول والثاني، فمن ذلك قوله تعالى: (تدور أعينُهم كالذي يُغْشى عليه من الموت) أي دورانا كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت.

الصفحة 268