كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

ش: من أمثله فصل المضاف بالظرف قول الشاعر:
فَرِشْني بخير لا أكونَنْ ومِدْحتي ... كناحتِ يوما صخرةٍ بعَسيل
ومن أمثله فصله بالجار والمجرور قول الآخر:
لأنت مُعْتاد في الهيجا مُصابرةٍ ... يَصْلى بها كلُّ من عاداك نيرانا
فتقدير الأول: كناحت صخرة يوما، وتقدير الثاني: لأنت معتاد مصابرة في الهيجا. فهذا النوع من أحسن الفصل، لأنه فصل بمعمول المضاف، فكان فيه قوة، وهو جدير بأن يجوز في الاختيار ولا يختص بالاضطرار، وبذلك أقيس على وروده في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هل أنتم تاركولي صاحبي" أراد: هل أنتم تاركو صاحبي لي، ففصل بالجار والمجرور، لأنه متعلق بالمضاف، وهو أفصح الناس، فدل ذلك على ضعف قول من خصه بالضرورة.
وفي كلام بعض من يوثق بعربيته: ترك يوما نفسك وهواها، سعى لها في رداها.
ففصل في الاختيار بالظرف، فعلم أن مثله لا حجر على المتكلم به ناظما وناثرا.
وإنما يحجر على من فصل بمالا يتعلق بالمضاف، كقول الشاعر:
كما خُطَّ الكتابُ بكفِّ يوما ... يهوديِّ يقاربُ أو يُزيل
ففصل بين "كف" و"يهودي" بيوما، وهو متعلق بخط، فمثل هذا ضعيف حقيق بألا يجوز إلا في ضرورة، لما فيه من الفصل بأجنبي.
ومثله في الضعف والاختصاص بالضرورة الفصل بمفعول به متعلق بغير المضاف،

الصفحة 273