كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

رضي الله عنه: (وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شركائهم) لأنه ثابته التواتر، ومعزوة إلى موثوق بعربيته، قبل العلم بأ، هـ من كبار التابعين، ومن الذين يقتدى بهم في الفصاحة، كما يقتدى بمن في عصره من أمثاله الذين لم يعلم عنهم مجاورة للعجم يحدث بها اللحن، ويكفيه شاهدا على ما وصفته به، أن أحد شيوخه الذين عوّل عليهم في قراءة القرآن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتجويز ما قرأ به في قياس النحو قوي، وذلك أنها قراءة اشتملت على فصل يدخله بين عاملها المضاف إلى ما هو فاعل، فحسن ذلك ثلاثة أمور: أحدها: كون الفاصل فضلة، فإنه بذلك صالح لعدم الاعتداد به. الثاني: كونه غير أجنبي لتعلقه بالمضاف. الثالث: كونه مقدر التأخير من أجل المضاف إليه، مقدر التقدم بمقتضى الفاعلية المعنوية، فلو لم تستعمل العرب الفصل المشار إليه، لاقتضى القياس استعماله، لأنهم قد فصلوا في الشعر بالأجنبي كثيرا، فاستحق الفصل بغير أجنبي أن يكون له مزية، فحكم بجوازه. وأيضا فقد فصل بقول النبي صلى الله عليه وسلم مثل: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" بالجار والمجرور، والمضاف فيه اسم فاعل، مع أنه مفصول بما فيه من الضمير المنوي، ففصل المصدر بخلوه من الضمير أحق بالجواز، ولذلك قلت نظائر: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" وكثرت نظائر: (قتلُ أولادَهم شركائهم)، فمنها قول الطرماح:
يَطُفْن بحُوزيِّ المراتع لم تُرَع ... بواديه من قَرْعِ القِسَّى الكنائِنِ
ومنها:

الصفحة 277