كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

المنفصل، نحو: قاموا أنفسهم، وقاموا أنفسهم جائز على ضعف، ذكر ذلك الأخفش في المسائل.
ويجوز جر النفس والعين بباء زائدة نحو: جاء زيد بنفسه، ورأيت عمرا بعينيه، ولا يجوز ذلك في غيرهما من ألفاظ التوكيد. إلا أنهم قالوا: جاءوا بأجمعهم، بضم الميم وفتحها، وفيه معنى التوكيد، وليس من ألفاظه، إذ لو كان من ألفاظه لجاز استعماله بلا باء، بل كان استعماله بلا باء أكثر، كما كان كذلك في النفس والعين.
ويجوز أن يؤكد بهما معا، نحو: جاء زيد نفسه عينه.
ولا يؤكد المثنى ولا ما في معناه بغير النفس والعين إلا بكلا في التذكير، وبكلتا في التأنيث، نحو: جاء الزيدان كلاهما، والهندان كلتاهما. ولا يؤكد بهما عند الأخفش مالا يصح أن يجعل في موضعه واحد، نحو: جلست بين الرجلين. قال الأخفش: لا يجوز حذف ضربت أحد الرجلين كليهما، فإنك إذا قلت: ضربت أحد الرجلين، فقد علم أنهما رجلان، وأن موضع الرجلين لم يصلح لواحد، لتقدم أحد، فلا يتوهم أن ذكرهما غلط. بخلاف قولك: رأيت الرجلين كليهما، فإن موضع الرجلين صالح لرجل، فيتوهم الغلط، فيفيد التوكيد.
قال الأخفش: لا يمتنع عندي: ضربت أحد الرجلين كليهما، لأن فيه فائدة، وذلك أن موضع الرجلين صالح للجمع، فيمكن توهم السامع أن المتكلم قصد الجمع، فغلط بوضع المثنى موضعه، فبذكر كليهما يزول ذلك التوهم، ولا يخلو من فائدة.
وأيضا فإن موضع الرجلين صالح للفرسين والبعيرين وغير ذلك، فلا يمتنع توهم السامع قصد المتكلم شيئا من ذلك، ما لم يأت بكليهما أو نعت يقوم قامه، فإذا جاء بكليهما علم اعتناؤه بما ذكر قبله، وأنه قاصد إعلام السامع بصحة العبارة.

الصفحة 290