كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

ص: ومجيؤه في الغرض الثاني تابعا لذي أجزاء يصح وقوع بعضها موقعه، مضافا إلى ضميره بلفظ كل أو جميع أو عامة. وقد يستغنى بكليهما عن كلتيهما، وبكلهما عنهما، وبالإضافة إلى مثل الظاهر المؤكد بكل عن الإضافة إلى ضميره، ولا يستغنى بنية إضافته خلافا للفراء والزمخشري.
ولا يثنى أجمع ولا جمعاء خلافا للكوفيين ومن وافقهم.
ويتبع كلَّه أجمع، وكلها جمعاء، وكلهم أجمعون، وكلهن جمع، وقد يُغْنين عن كل، وقد يُتْبَعْن بما يوازنهن من كُتَع وبُصَع وبُتَع، بهذا الترتيب أو دونه.
وقد يغني ما صيغ من كُتَع عما صِيغ من جُمَع، وربما نُصب أجمع وجمعاء حالين، وجمعاهما كهما على الأصح. وقد يرادف جمعاء مجتمعة فلا يفيد توكيدا.
ش: قد تقدم أن التوكيد المعنوي يجاء به لغرضين: أحدهما: رفع توهم إضافة إلى المتبوع. والثاني رفع توهم إرادة الخاص باللفظ العام، وبينت ما يفيد الغرض الأول، فشرعت الآن في تبيين ما يفيد الغرض الثاني وهو كل وأخواته على حسب استعماله الآتي تفصيله.
ولا يؤكد بها إلا معرفة متبعضة بالنسبة إلى عمل العامل، ويعتبر ذلك بجعل بعضها في موضعه، فإن صح صح التوكيد، وإن امتنع امتنع، فقولك: جاء القوم كلهم، صحيح لصحة قولك: جاء بعض القوم، وقولك: جاء زيد كله، ممتنع لامتناع قولك: جاء بعض زيد. فلو كان العامل صالح الإسناد إلى بعض زيد كنظف ونجس لم يمتنع التوكيد، فصح أن يقال: نظف زيد كله، لأنه يقال: نظف بعضه.
وذكرت مع "كل" جميعا وعامة، كما فعل سيبويه، وأغفل ذلك أكثر المصنفين سهوا أو جهلا، فيقال: جاء القوم جميعهم أو عامتهم كما يقال: جاءوا كلهم، والمعنى واحد، ومن شواهد ذلك قول الشاعر:

الصفحة 291