كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

والرجل والظهر والبطن. ولا يلي العاملَ شيءٌ من ألفاظ التوكيد وهو على حاله في التوكيد إلا جميعا وعامة مطلقا، وكل وكلا وكلتا مع الابتداء بكثرة، ومع غيره بقلة، واسم كان في نحو: كان كلنا على طاعة الرحمن، ضمير الشأن، لا كلنا. ويلزم تابعية كل بمعنى كامل وإضافته إلى مثل متبوعه مطلقا نعتا لا توكيدا.
ويلزم اعتبار المعنى في خبر "كل" مضافا إلى نكرة، لا مضافا إلى معرفة.
ولا تَعَرُّضَ في أجمعين إلى اتحاد الوقت، بل هو ككل في إفادة العموم مطلقا خلافا للفراء.
ش: قال أبو الحسن الأخفش: اعلم أن قولهم: مات زيد وعاش عمرو كلاهما، ليس بكلام، لأنهما لم يبنيا في كلام واحد. فلو قلت: انطلق زيد وذهب عمرو كلاهما، جاز لأنهما قد اجتمعا في أمر واحد، فإلى هذا وأمثاله أشرت بقولي: ولا يتحد توكيد معطوف ومعطوف عليه إلا إذا اتحد معنى عامليهما.
ومنع البصريون إلا الأخفش توكيد النكرة مطلقا، وأجازه بعض الكوفيين مطلقا، وأجازه بعضهم إذا أفاد ومنعه إذا لم يفد، ومثال الجائز لكونه مفيدا قولك: صمت شهرا كله، وقمت ليلة كلها، وهذا أسد نفسه، وعندي درهم عينه. فبذكر "كل" يُعلم أنّ الصيام كان في جميع الشهر، والقيام كان في جميع الليلة، ولو لم يذكر لاحتمل ألا يراد جميع الشهر، ولا جميع الليلة.
وبذكر النفس أيضا علم أن المشار إليه أسد حقيقي لا شيء شبيه بأسد، وأن الذي عندك درهم مصوغ لا صرفه ولا موازنته. فتوكيد النكرة إن كان هكذا حقيق بالجواز، وإن لم تستعمله العرب، فكيف إذا استعملته، كقول رؤبة:
إن تميما لم يُرَاضِع مُشْبَعا ... ولم تلده أمه مُقَنَّعا ... أوْفَت به حولا وحولا أجمعا

الصفحة 296