كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

مررت بقومك إما بهم أجمعين وأما بعضهم، فإن الحذف هنا أسهل من الحذف في: مررت بزيد وأتاني أخوه هما صاحباي أنفسهما وأعنيهما أنفسهما.
وبالغ الأخفش في منع حذف المؤكد فقال: لو نظرت إلى قوم فقلت: أجمعون قومك، تريد: هم أجمعون قومك، لم يجز، لأنك جئت بالتوكيد قبل أن يثبت عند المخاطب اسم يؤكد.
وأجاز سيبويه فيما قصد به العموم من: ضرب زيد الظهر والبطن، واليد والرجل، ومطرنا السهل والجبل، والزرع والضرع، أن يكون توكيدا ككل وأن يكون بدلا.
ونبهت بقولي: ولا يلي العوامل شيء من ألفاظ التوكيد وهو على حاله في التوكيد" على أنه لا يقال: زيد لقيت رأيت نفسه، ولا إخوتك كان أنفسهم منطلقين، ولا ما أشبه ذلك. لأنك أوليت رأيت نفسه، وولى كان أنفسهم، وهما الحال الذي يكونان عليه إذا قصد بهما التوكيد مع عدم قصد التوكيد. فلو كانا على غير الحال المستعمل في التوكيد وليا كل عامل، كقولك: رأيت نفس زيد، وأنفس إخوته.
واستثنيت جميعا وعامة بلا قيد، لأن استعمالهما في التوكيد قليل، واستعمالهما في غير التوكيد كثير، بخلاف غيرهما، فيقال: القوم مررت بجميعهم وعامتهم، ومررت بهم وجميعهم يتحدثون، وعامتهم نيام.
وأما كل وكلا وكلتا إذا كانت بالحال الصالحة للتوكيد فيباشرها العامل كثيرا إن كان ابتداء نحو: مررت بالرجال كلُّهم قيام، ومررت بالرجلين كلاهما في المسجد، وبالمرأتين كلتاهما في الدار. ولا يباشرها غير الابتداء إلا قليلا، فمن القليل قول كثير:
يَميدُ إذا والتْ عليه دِلاؤُهم ... فيصدرُ عنه كلُّها وهو ناهلُ

الصفحة 299