كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

فإنه من الضرورات، وكذا قول الآخر:
فلا والله لا يُلْفى لما بي ... ولا لِلمابِهمْ أبدًا دواءُ
وإلى هذا أشرت بقولي: لم يُعَد في غير ضرورة إلا معمودا بمثل عامده أولا أو مفصولا" فمن المعمود بمثل عامده أولا قول الشاعر:
ليتني ليتني تَوَقَّيْتُ مُذْ أيْـ ... ـــفَعْتُ طَوْعَ الهوى وكنتُ مُنيبا
والمفصول كقول الآخر:
ليتَ وهلْ ينفعُ شيئا ليتُ ... ليتَ شبابا بُوعَ فاشتريت
فأكد ليت بليت وفصل بينهما بـ (وهل ينفع شيئا) ليت. ومن الفصل المسموع الفصل بالوقف كقوله:
لا يُنْسك الأسى تأسِّيا فما ... ما مِنْ حمامٍ أحدٌ مُعْتصِما
فما ليس معمودا ولا مفصولا فهو ضرورة، نحو: إن إن الكريم، ولا للما بهم وإن كان العامل اسما ظاهرا، فالمختار أن يعمد المؤكِّد بضمير، فقولك: مررت بزيد به، أجود من قولك: مررت بزيد بزيد، ومن المختار قوله تعالى: (ففي رحمة الله هم فيها خالدون) قال ابن السراج: "إلا أن الحرف لا يكرر إلا مع ما اتصل به، لا سيما إذا كان عاملًا" ومثل بقوله: في الدار زيد قائم فيها. وقال: فيفيد "فيها" توكيدا. وقال تعالى: (وأما الذين سُعِدوا ففي الجنة خالدين فيها) فجعل فيها توكيدا، وفي الجنة مُؤَكَّدا، وكذا أقول، ومن حكم على شيء من

الصفحة 304