كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

نحو: هذا رجل أيُّ رجل، أو معنى دون لفظ نحو: هذا رجل أيُّ فتى. فالتماثل في اللفظ لا يلزم، وإنما يلزم التماثل في المعنى، فلذلك اقتصرت عليه في المتن حين قلت: وأي مضافا إلى نكرة تماثل المنعوت معنى.
ومن المنعوت به في حال دون حال: كل وجد وحق، فإنها ينعت بها للمعنى الذي نسب لأي، كقولك: زيد الرجل كل الرجل، وجد الرجل، وحق الرجل.
فالنعت بهذه كلها مطرد لا يتوقف على سماع، بخلاف النعت بالمصدر وما ذكر بعده، فإن السماع فيه متبوع، واطراده ممنوع وللمصدر مزية على غيره وكذلك العدد، ويقارب فيهما الاطراد، ومن المصادر المنعوت بها رضًى وعَدْل وزَوْر وصوم وفطر، ومن النعت بالعدد قول بعض العرب: أخذ بنو فلان من بني فلان إبلا مائة، على النعت، حكاه سيبويه، وأنشد:
لئن كنتَ في جُبٍّ ثمانين قامة ... ورُقّيتَ أسبابَ السماءِ بسُلّم
وفي الحديث: "الناس كإبل مائة".
والنعت بالقائم بمسماه معنى ينزله منزلة المشتق كمررت برجل أسد أبوه، ولبست ثوبا حريرا ملمسه، وشربت ماء عسلا طعمه، تريد ماء شديد الحلاوة، وثوبا شديد الليونة، فلو أردت أن الماء مشوب بعسل، وأن الثوب مجعول في نسجه حرير لم يجز النعت، ومن هذا النوع قول الشاعر:
وليلٍ يقول الناس من ظلماته ... سواءٌ صحيحاتُ العيونِ وعُورُها
كأنّ لنا منه بيوتا حصينة ... مُسُوحا أعاليها وسَاجا كُسُورها
فأجرى مسوحا وساجا مجرى سود. ومثال نصب "أي" حالا بعد معرفة قول الشاعر:
فأوْمأت إيماءً خفيا لحَبْتَر ... فلله عينا حَبْتر أيَّما فتى

الصفحة 315