كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

وشوهاءَ تعدو بي إلى صارخ الوغى ... بمُسْتَلْئمٍ مثل الفَنيقِ المُرَحَّل
ومثله:
بكم قُريشٍ كُفينا كلَّ مُعْضِلةٍ ... وأمَّ نهجَ الهدى من كان ضِلِّيلا
ويسمى البدل بدل بعض من كل إن دل على بعض ما دل عليه الأول، نحو: مررت بقومك ناس منهم، وصرفت وجوهها أولها. ومنه على أجود أحد الوجهين قوله تعالى: (ولله على الناس حِجُّ البيت من استطاع إليه سبيلا).
ويسمى بدل استمال إن باين الأول، أي إن لم يكن بدل كل، فدخل في ذلك بدل البعض وبدل الإضراب والغلط، فخرج بدل البعض بقولي: "ولم يكن بعضه" وخرج بدل الإضراب والغلط بقولي: وصح الاستغناء به" فخلصت العبارة للمسمى بدل اشتمال. وهو إما مصدر دال على معنى قائم بمسمى المبدل منه، كعجبت من زيد حلمه، أو صادر عنه كعجبت منه قراءته، أو واقع فيه مثل: (يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه) أو واقع عليه كدُعيَ زيدٌ إلى الطعام أكله، وإما على ملابس صالح للاستغناء عنه بالأول كـ: (قُتِل أصحابُ الأخدودِ * النارِ) وصلاحيته للاستغناء بالأول شرط في هذه الأمثلة كلها وما أشبهها، ومذهب الزجاجي جعل (النار ذات الوقود) بدل إضراب، وليس ما ذهب إليه بصحيح، لأنه لا يحسن أن يقدر ببل ولكن، والإضراب في المعنى ترك للمضرب عنه، والأخدود غير متروك المعنى.
فإن كان الملابس لا يغني عنه الأول كالأخ والعم، وحكى له بدلا، فهو بدل إضراب أو غلط، كقولك: عجبت من زيد أخيه، وانطلقت إلى عمرو عمه. ومن

الصفحة 335