كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

فكأنه لَهِقُ السَّراة كأنه ... ما حاجبَيْه مُعَيَّنٌ بِسَواد
فجعل حاجبيه وهو بدل في حكم ما لم يذكر، فأفرد الخبر، ولو جعل الاعتماد على البدل لثني الخبر، كما تقول: إن زيدا يديه منبسطتان بالخير، ولو جعلت البدل في حكم الملغى لقلت: إن زيدا يديه منبسط بالخير. ومثل: كأنه ما حاجبيه معين، قول الآخر:
إن السيوف غدوَّها ورواحَها ... تركت هوازنَ مثلَ قَرْن الأعْضَب
فجعل الخبر للسيوف، وألغى غدوها ورواحها، ولو لم يلغهما لقال: تركا، كما تقول: الجارية خَلْقُها وخُلُقها سيان.
ومن الاعتماد على المبدل منه وجعل البدل في حكم الملغى قولك: زيد عرفت أخاه عمرا، وجاء الذي رغبت فيه عامرٍ.
وقد يستغنى في الصلة عن لفظ المبدل منه كقولك: أحسن إلى الذي وصفت زيدا، بالنصب على الإبدال من الهاء المقدرة، وبالجر على الإبدال من الذي، وبالرفع على جعله خبر مبتدأ.
ويجب اقتران البدل بهمزة استفهام إن تضمن المبدل منه معناها كقولك: كيف زيد، أمريض أم صحيح؟ وما عندك، أدرهم أم دينار؟ وكم دراهمك، أعشرون أم ثلاثون؟
وتبدل جملة من مفرد كقولك: عرفت زيدا أبو مَنْ هو. أي عرفت زيدا أبوته، ومنه قول الشاعر:

الصفحة 339