كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

ش: قول من قال "فُمَّ" هو من إبدال الثاء فاء، كقولهم في الجدث: جدف، وفي الغاثور: غافور. وزيادة التاء مفتوحة وساكنة كزيادتهما في "رب" ومن ذلك قول الأسود بن يعفر:
بُدِّلْتُ شَيْبا قد علا لِمَّتي ... بعد شباب حَسَنٍ مُعْجِب
صاحَبْتُه ثُمَّتَ فارقتُهُ ... ليت شبابي ذاك لم يذهبِ
وحق المعطوف بها أن يكون مؤخرا بالزمان مع مهلة، وحق المعطوف بالفاء أن يكون مؤخرا بلا مهلة. ومن ذلك: أن جبريل عليه السلام نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعطف بالفاء المتأخر بلا مهلة، وبثم المتأخر بمهلة.
والغالب في الجملة المعطوفة بالفاء أن يكون معناها متسببا عن معنى الأول نحو: (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) و: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) (ووُضِعَ الكتابُ فترى المجرمين مشفقين) و: (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) و: (فوكزه موسى فقضى عليه) (وظن داود أنما فتَنّاه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب * فغفرنا له) و: (وأخذ الذين ظلموا الصيحةُ في ديارهم جاثمين)

الصفحة 352