كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

خُلِقوا من غير شيء) إلى (أم لهم إله غير الله).
وقد يجاء بها لمجرد الإضراب، ومن علامات ذلك في اللفظ أن يليها استفهام نحو: (أم ماذا كنتم تعملون) ونحو: (أم من هذا الذي هو جند لكم) ونحو قول الشاعر:
أم كيف ينفع ما يعطى العلوق به ... رئمان أنفٍ إذا ماضُنَّ باللبن
وإن ولي المنقطعة مفرد فهو معطوف بها على ما قبلها، كقول بعض العرب: إنها لإبل أم شاء، فأم هنا لمجرد الإضراب، عاطفة ما بعدها على ما قبلها، كما كان يكون بعد بل، فإنها بمعناها. وزعم ابن جني أنها بمنزلة الهمزة وبل، وأن التقدير: بل أهي شاء. وهذا دعوى لا دليل عليها، ولا انقياد إليها. وقد قال بعض العرب: إن هناك إبلا أم شاءٌ، فنصب ما بعد أم حين نصب ما قبلها، وهذا عطف صريح مقو لعدم الإضمار قبل المرفوع.
وفصل أم المتصلة مما عطفت عليه نحو: (أذلك خير أم جنة الخلد) أكثر من وصلها نحو: (أقريب أم بعيد ما توعدون) ومن ادعى امتناع وصلها أو ضعفه فمخطئ، لأن دعواه مخالفة الاستعمال المقطوع بصحته، ولقول سيبويه والمحققين من أصحابه.
ومن العطف بأو في الشك قوله تعالى: (قال لبثت يوما أو بعض يوم) ومن العطف بها في التفريق المجرد قوله تعالى: (لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) وقوله تعالى: (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما). والمراد بوصف التفريق بالمجرد خلوه من الشك والإبهام والإضراب والتخيير، فإن مع كل واحد منها

الصفحة 362