كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

ذاك، فلا في هذين المثالين زائدة لتأكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول، وكذا كل مالا نهي فيه ولا نفي، فلو وجد أحدهما قبل لا أفادت تأكيد تقريره، ولم تقتض إضرابا نحو: ما قام زيد لا بل عمرو، ولا تضرب خالدا لا بل بشرا، فلا في هذين المثالين زائدة لتأكيد بقاء النهي والنفي. ومن زيادة لا مع عدم النفي والنهي قول الشاعر:
وجهُك البدرُ لا بل الشمسُ لو لم ... يُقْضَ للشمسِ كَسْفَةٌ أو أُفُولُ
ومثله:
وكأنّما اشتملَ الضَّجيعُ بريطَة ... لا بل تزيدُ وثارةً ولَيانا
ومن زيادتها بعد النفي قول الشاعر:
وما سلوتُك لا بل زادني شغفا ... هجرٌ وبُعدٌ تمادى لا إلى أجَلِ
ومن زيادتها بعد النهي قول الشاعر:
لا تَمَلَّنَّ طاعة الله لا بل ... طاعةَ الله ما حَييت اسْتديما
والمعطوف بلكن مثبت مسبوق بنهي أو نفي نحو: ما وجدتني عاذلا لكن عاذرا، فلا تكن لي خاذلا لكن ناصرا. ولو جعلت بل بدل لكن لم يختلف المعنى، إلا أن بل لا يلزم أن يتقدم عليها نفي أو نهي، ولا بد من أحدهما قبل لكن، فإن خلت منهما لزم أن يكون بعدها جملة مخالفة لما قبلها لفظا ومعنى، أو معنى لا لفظا، نحو: قام زيد لكن عمرو لم يقم، وقام بشر لكن خالد قعد.
والمعطوف بلا منفي بعد أمر، أو خبر مثبت، أو نداء نحو: اضرب زيدا لا عمرا، وهذا محمد لا عمرو، وياسالم لا سلمان. وزعم ابن سعدان أن العطف بلا على منادى ليس في كلام العرب شاهد على استعماله.

الصفحة 370