كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

يكن صالحا لرفع غيره فهو صالح للدلالة على ما يرفعه.
ولو كان ما قبل العاطف فعلا مضارعا مفتتحا بالهمزة أو النون لفُعِل بعده من التقدير والإضمار ما فعل بعد الأمر، نحو: (لا نخلفه نحن ولا أنت) فأنت مرفوع بفعل مضمر مدلول عليه بنخلفه، والتقدير: لا تخلفه أنت، لأن نفعل وأفعل لا يرفعان إلا ضميري المتكلم.
وكذا لو كان الفعل مفتتحا بتاء الخطاب لعُومل ما بعد العاطف الذي بعده هذه المعاملة نحو: تقوم أنت وزيد. وكذا لو كان مفتتحا بتاء المضارعة الدالة على التأنيث لا يرفع إلا مؤنثا.
وكل ما استحقه المعطوف من التقدير المذكور مستحق في البدل نحو: ادخلوا أولُكم وآخرُكم، فأولكم وآخركم مقدر قبلهما: ليدخل، لأن ادخل لا يرفع إلا ضمير المأمور المخاطب، نص على هذا المعنى سيبويه رحمه الله، فإن جعل أولكم وآخركم بدلا فهو وعامله من إبدال الجمل بعضها من بعض، كما يقال في العطف. ومن المستحق لهذه المعاملة قول الشاعر:
نُطَوَّفُ ما نطوف ثم نأوي ... ذَوو الأموال منا والعديم
إلى حُفَر أسافِلُهُنّ جُوفٌ ... وأعلاهن صُفّاحٌ مُقيم
فذوو الأموال مرفوع بيأوي مضمرا مدلولا عليه بنأوي، لأن المضارع ذا النون لا يرفع إلا ضمير المتكلم. وإن جعل ذوو الأموال والعديم توكيدا، كما جعل على أحد الوجهين الظهر والبطن، من قولهم: ضرب زيد الظهر والبطن، جاز، وكان العامل فيه نأوي، كما يكون عاملا في "كلنا" إذا قيل: نأوي كلنا، لأن التوكيد بمنزلة تكرار المؤكد.
ص: ويضعف العطف على ضمير الرفع المتصل ما لم يفصل بتوكيد أو غيره،

الصفحة 372