كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

فعطف العدم دون فصل ولا ضرورة على ضمير الرفع المستتر في سواء، ومنه قول جرير:
ورجا الأُخَيطِلُ من سفاهة رأيِه ... ما لم يكنْ وأبٌ له لينالا
وهذا فعل مختار غير مضطر، لتمكن قائله من نصب أب على أن يكون مفعولا معه. ومثله قول ابن أبي ربيعة:
قلتُ إذْ أقبلتْ وزُهْرٌ تهادى ... كنِعاجِ المِلا تَعَسَّفْنَ رَملا
فرفع زهرا عطفا على الضمير المستكن في أقبلت، مع تمكنه من جعله بعد نصبه مفعولا معه. وأحسن ما استشهد به على هذا قول عمر رضي الله عنه: "وكنت وجار لي من الأنصار" وقول علي رضي الله عنه: كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كنت وأبو بكر وعمر، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر. أخرجهما البخاري في صحيحه.
ونبهت بقولي: "وضمير النصب المتصل في العطف عليه كالظاهر" على أن ضمير النصب المتصل يعطف عليه الظاهر وضمير النصب المنفصل كما يعطفان على الاسم الظاهر، فيقال: رأيته وإياك، ورأيته وعمرا. كما يقال: رأيت زيدا وإياك، ورأيت زيدا وعمرا.
وسكت عن عطفه تنبيها على أن حرف العطف لا يليه ضمير النصب بلفظ الاتصال، بل بلفظ الانفصال. وفي هذا رد على من زعم أن حرف العطف عامل في المعطوف، إذ لو كان عاملا للزم كون ماوليه من ضمائر النصب بلفظ الاتصال، كما يلزم ذلك مع إن وأخواتها.

الصفحة 374