كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

والهاء من قولي: "ومثله في الحالين" عائدة على الظاهر، والمراد بالحالين حالا عطفه والعطف عليه، فنبهت بذلك على أن الضمير المنفصل منصوبا كان أو مرفوعا في عطفه والعطف عليه بمنزلة الظاهر، فيقال: رأيت زيدا وإياك، وإياك وزيدا رأيت، وصاحباك زيد وأنا، وأنا وزيد صاحباك. كما يقال: رأيت زيدا وعمرا، وزيدا وعمرا رأيت، وصاحباك زيد وعمرو، وزيد وعمرو صاحباك.
وإذا كان المعطوف عليه ضمير جر أعيد الجار، كقوله تعالى: (فقال لها وللأرض ائتيا طوْعا أو كَرْها) (وعليها وعلى الفلك تحملون) و: (يُنَجِّيكم منها ومن كل كرب) وإعادته مختارة لا واجبة، وفاقا ليونس والأخفش والكوفيين. وأجاز الفراء في "ما" من قوله تعالى: (قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم) الرفع عطفا على "الله" والجر عطفا على فيهن. وأجاز عطف: (من لستم) على (لكم فيها معايش).
وللموجبين إعادة الجار حجتان: إحداهما: أن ضمير الجر شبيه بالتنوين، ومعاقب له، فلا يعطف عليه كما لا يعطف على التنوين. الثانية: أن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصلحا لحلول كل واحد منهما محل الآخر، وضمير الجر غير صالح لحلوله محل ما يعطف عليه، فامتنع العطف عليه إلا مع إعادة الجار.
وفي الحجتين من الضعف مالا يخفى، لأن شبه ضمير الجر بالتنوين لو منع من العطف عليه بلا إعادة الجار لمنع منه مع الإعادة، لأن التنوين لا يعطف عليه بوجه، ولأنه لو منع من العطف عليه لمنع من توكيده والإبدال منه، لأن التنوين لا يؤكد ولا يبدل منه، وضمير الجر يؤكد ويبدل منه بإجماع، فللعطف أسوة بهما. قد تبين ضعف الحجة الأولى.

الصفحة 375