كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

وأما الثانية فيدل على ضعفها أنه لو كان حلول كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه شرطا في صحة العطف لم يجز: رب رجل وأخيه، ولا: أي فتى هيجاء أنت وجارها، ولا: كل شاة وسخلتها بدرهم، ولا: الواهب المائةِ الهجان وعبدِها، وأمثال ذلك كثيرة، فكما لم يمتنع فيها العطف، لا يمتنع في نحو: مررت بك وزيد، وإذا بطل كون ما تعلقوا به مانعا، وجب الاعتراف بصحة الجواز. ومن مؤيدات الجواز قوله تعالى: (وكفرٌ به والمسجدِ الحرام) بجر المسجد بالعطف على الهاء، لا بالعطف على سبيل، لاستلزامه العطف على المصدر قبل تمام صلته، لأن المعطوف على جزء الصلة داخل في الصلة، وتوقي هذا المحظور حمل أبا علي الشلوبين على موافقة يونس والأخفش والكوفيين في هذه المسألة.
ومن مؤيدات الجواز قراءة حمزة: (تساءلون به والأرحامِ) وهي أيضا قراءة ابن عباس والحسن وأبي رزين ومجاهد وقتادة والنخعي والأعمش ويحيى بن وثاب، ومثل هذه القراءة ما روى البخاري في باب الإجارة إلى العصر من قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما مثلكم واليهود والنصارى" بالجر، وقول بعض العرب: ما فيها غيره وفرسِه.
ومن الشواهد الشعرية ما أنشد سيبويه من قول الشاعر:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيامِ من عجب

الصفحة 376