كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

وإجراؤه مجرى النكرة في النصب. قال الفراء: النكرة المقصودة الموصوفة المناداة تؤثر العرب نصبها، يقولون: يا رجلا كريما أقبل. فإذا أفردوا رفعوا أكثر ما ينصبون.
قلت: ويؤيد قول الفراء ما روي من قبل النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده: "يا عظيما يرجى لكل عظيم".
وأجاز ثعلب رحمه الله أن يضم المضاف إذا كان صالحا للألف واللام نحو: ياحسنُ الوجه، لأن إضافته في نية الانفصال، وأظنه قاس ذلك على رواية الفراء عن بعض العرب: يامهتمُّ بأمرنا لا تهتم، لضم الميم، مع مشابهة المضاف لتعلق أمرنا به. وتخريج هذا عندي بأن يجعل "بأمرنا" متعلقا لا تهتم، لأن بناء المنادى ناشئ عن شبهه بالضمير، والمضاف عادم الشبه بالضمير، وإن كان مجازى الإضافة.
ومنع الأصمعي نعت المبني للنداء لأنه شبيه بالمضمر، والمضمر لا ينعت. وما ذهب إليه مردود بالسماع والقياس، أما السماع فشهرته مغنية عن استشهاد، وأما القياس فلأن مشابهة المنادى للضمير عارضة، فمتقضى الدليل ألا تعتبر مطلقا، كما لم تعتبر مشابهة المصدر لفعل الأمر في نحو: ضربا زيدا، لكن العرب اعتبرت مشابهة المنادى للضمير في البناء استحسانا، فلم يزد على ذلك، كما أن "فَعالِ" العلم لما بني حملا على فعال المأمور به لم يزد على بنائه شيء من أحوال ما حمل عليه، ونظائر ذلك كثيرة.
ويجوز في المنعوت بابن نحو: يازيدُ بن عمرو، الضم استصحابا لحاله قبل النعت، والفتح إعرابا نحو: يازيدَ بن عمرو، فلو فصل ابن من المنعوت تعين الضم، نحو: يازيدُ الفاضل ابن عمرو. وكذا يتعين الضم إن فقدت علمية المنعوت، نحو: ياغلامُ ابن زيد، أو علمية المضاف إليه نحو: يازيدُ ابن أخينا، أو علميتهما نحو: ياغلامُ ابن أخينا.
فلو لم تكن ضمة المنادى ظاهرة لم ينو تبدلها بفتحة إذ لا فائدة في ذلك. وقد

الصفحة 393