كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 3)

وكذا لو دل على معالجة وتأثير ولم يكن ثلاثيا، كأحكم الشيء وأكمله، لم يجز أيضا أن يصاغ منه انفعل ولا افتعل الذي بمعناه، فلا يقال: أحكمه فانحكم، ولا أكمله فانكمل. وشذ قولهم: أقحمته فانقحم، وأوكأته فاتكأ، وأفردته فانفرد، وأغلقته فانغلق، وأزعجته فانزعج، وأسفقت الباء فانسفق. ويجوز أن يكون: انغلق وانسفق على لغة من قال: غلِقت وسفقت فإنهما مقولان ومنقولان.
وسمع: قلت الحديث فانقال، لأن القائل يعمل في تحريك لسانه، ويعالج في ترتيب أجزاء العبارة وجعلها موافقة المعنى بعض علاج.
وأما قول من قال: انعدم، فخطأ، وكذلك قول من قال: ذلك شيء لا ينبصِر.
وقد يشارك المجرد كقولهم: انطفأت النار وطَفِئَت، وساب الشيءُ فانساب.
وإغناؤه وإغناء هذا عنه كقولهم: انطلق بمعنى ذهب، وانزرب في الزريبة إذا دخلها، وانبرى يفعل انبعث. وإغناؤه عن أفعل كقولهم: انحجز، إذا أتى الحجاز. ويغني عنه افتعل فيما فاؤه لام، كلويت الشيء فالتوى، ولففته فالتف، ولحمته فالتحم. وفيما فاؤه راء نحو: ردعته فارتدع، ورفعته فارتفع. وفيما فاؤه واو كوصلته فاتصل، ووكلته فاتكل، ووضعته فاتضع، ووسمته فاتسم. وفيما فاؤه نون نحو: نقلته فانتقل، ونبذته فانتبذ، ونفيته فانتفى، ونسأته فانتسأ. وفيما فاؤه ميم نحو: مددته فامتد، ومططته فامتط، وملأته فامتلأ.
وندر: محوته فامّحى، ومزته فامّاز، وامتحى وامتاز أقيس.
وقد يشترك افتعل وانفعل فيما ليس فاؤه لاما ولا راء ولا واوا ولا نونا ولا ميما نحو: شويت اللحم فاشتوى وانشوى، وحجبت الشيء فاحتجب وانحجب، وأطرته فاتطر وانأطر، وفصلته فافتصل وانفصل، وفتتّه فانفت وافتت.
وقد يغني افتعل عن انفعل في غير ما فاؤه لام ولا شيء من أخواتها، كسترت الشيء فاستتر، وبللته فابتل، وكفيته فاكتفى، وعززته فاعتز، وشددته فاشتد.
ص: ومنها استفعل للطلب، وللتحول، وللاتخاذ، ولإلفاء الشيء بمعنى ما صيغ منه، أو لعدِّه كذلك، ولمطاوعة أفعل، ولموافقته وموافقة تفعّل وافتعل والمجرد والإغناء عنه وعن فعّل.

الصفحة 457