كتاب شرح التسهيل لابن مالك (اسم الجزء: 4)

ش: أن المصدرية مع صلتها في تأويل المصدر، فلهما كمال شبه بجزأي الاسم، فيجب لهما ما وجب للجزأين من الترتيب، ومنع الفصل، فلا يجوز: طعامك يعجبني أن تأكل، زيدا أريد أن تضرب. قال ابن كيسان: فقد أجاز الكوفيون تقديم بعض هذا في مواضع، منها: طعامك أريد أن آكل، وطعامك عسى أن آكل، فجعلوا أن كالمجلبة بعسى وأريد، كأن الكلام كان: طعامك آكل فيما أرى وفيما أريد، وليس ذلك بجائز عند البصريين.
وذكر الشيخ رحمه الله أن الفراء مستشهد بقول الشاعر:
وإني امرُؤٌ من عُصْبة تُغْلبية ... أبت للأعادي أن تَذِيخَ رقابُها
أي: تذل، قال: ولا حجة فيه لندوره، وإمكان تقدير عامل مضمر دل عليه المظهر.
وذهب الأخفش إلى أنّ أنْ في قوله تعالى: (ومالنا أن لا نقاتلَ في سبيل الله) زائدة، وقد نصبت المضارع حملا على أن المصدرية، كما جرت الباء الزائدة حملا على التي بمعنى الإلصاق، قال: لأن التقدير: وما لنا لا نقاتل، كما جاء في موضع آخر: (وما لنا لا نؤمنُ بالله) (مالي لا أرى الهدهد) وهو مذهب ضعيف، لأن أن الزائدة غير مختصة، فلم يجز أن تعمل، لأن من شرط العمل الاختصاص. وأما الآية الكريمة فحمْلُ أن فيها على أنها مصدرية، وهي بصلتها في تأويل مصدر منصوب على إسقاط الخافض، والتقدير: ومالنا في ألا نقاتل، أسهل مما ذهب إليه الأخفش، فوجب اجتنابه.
وذهب الفراء وابن الأنباري إلى جواز نصب المضارع بعد علم غير متأول تمسكا بمثل قراءة مجاهد: (أفلا يرون ألا يرجعَ إليهم قولا) وقول الشاعر:

الصفحة 12