كتاب السنن الكبرى للبيهقي (اسم الجزء: 7)

§بَابٌ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ دَيْنِ مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
13297 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ أَظُنُّهُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ: " هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ؟ " فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا قَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ "، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: " أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ §مَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ "، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يُونُسَ
§بَابُ مَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ أَنْ يَدْفَعَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ، فَقَالَ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96]
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ لَعَنَهُ اللهُ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مُبْغِضًا يَكْرَهُهُ وَيَكْرَهُ رُؤْيَتَهُ فَأَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ
13298 - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامُ، أنبأ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {§وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34]، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ لَعَنَهُ اللهُ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مُبْغِضًا يَكْرَهُ رُؤْيَتَهُ، فَأَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ، يَقُولُ: فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ فِي الدُّنْيَا حَمِيمٌ لَكَ فِي النَّسَبِ الشَّفِيقُ عَلَيْكَ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: 96] نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي جَهْلٍ حِينَ جَهِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
13299 - وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {§ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34] قَالَ: " أَمَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّبِرِ عِنْدَ -[72]- الْغَضَبِ، وَالْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ، وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ، كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مَتْنَهُ فِي التَّرْجَمَةِ وَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ وَإِنْ خَاطَبَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْمُرَادُ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ وَاللهُ أَعْلَمُ

الصفحة 71