كتاب السنن الكبرى للبيهقي (اسم الجزء: 8)

§بَابُ إِيجَابِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ
قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {النَّفْسُ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وَقَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178]
15880 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَا: أنبأ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاتِي بِالْكُوفَةِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ الْغِفَارِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنبأ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ قُرَيْظَةُ، وَالنَّضِيرُ، وَكَانَ النَّضِيرُ أَشْرَفَ مِنْ قُرَيْظَةَ، فَكَانَ إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْظَةَ رَجُلًا مِنَ النَّضِيرِ قُتِلَ بِهِ، وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَةَ أَدَّى مِائَةَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ. فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَةَ، فَقَالُوا: ادْفَعُوهُ إِلَيْنَا نَقْتُلْهُ. فَقَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، §فَأَتَوْهُ فَنَزَلَتْ {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]، وَالْقِسْطُ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، ثُمَّ نَزَلَتْ {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50] لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي غَرَزَةَ
15881 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، ثنا آدَمُ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، {فَمَنِ اعْتَدَى} [البقرة: 178] فَقَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178]، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] يَقُولُ: §حِينَ أُطْعِمْتُمُ الدِّيَةَ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَهْلِ التَّوْرَاةِ، إِنَّمَا هُوَ قِصَاصٌ أَوْ عَفْوٌ، وَكَانَ لِأَهْلِ الْإِنْجِيلِ إِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ لَيْسَ غَيْرُهُ، فَجُعِلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ وَالْعَفْوُ، {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] يَقُولُ: جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقِصَاصَ حَيَاةً لَكُمْ مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ فَيَمْنَعَهُ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يُقْتَلَ
15882 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنبأ أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، قَالَا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] يَقُولُ: §لَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ بِمَا يَنْتَهِي بَعْضُكُمْ عَنْ دِمَاءِ بَعْضٍ أَنْ يُصِيبَ الدَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يُقْتَلَ، يَقُولُ: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] الدِّمَاءَ إِذَا خَافَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ
15883 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، -[46]- عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ، كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَعَرَضُوا عَلَيْهِمُ الْأَرْشَ فَأَبَوْا، وَعَرَضُوا عَلَيْهِمُ الْعَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَجَاءَ أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَكْسِرُ ثَنِيَّةَ الرُّبَيِّعِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ". قَالَ: فَرَضِيَ الْقَوْمُ فَعَفَوْا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §" إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ. وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ" فَذَكَرَ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ"

الصفحة 45