كتاب السنن الكبرى للبيهقي (اسم الجزء: 8)
§بَابُ الْإِمَامِ فِيمَا يُؤَدِّبُ إِنْ رَأَى تَرْكَهُ تَرَكَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ غَلُّوا فِي سَبِيلِ اللهِ , فَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ , وَلَوْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ تَلْزَمُ لُزُومَ الْحَدِّ مَا تَرَكَهُمْ , كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَطَعَ امْرَأَةً لَهَا شَرَفٌ فَكُلِّمَ فِيهَا: لَوْ سَرَقَتْ فُلَانَةٌ لِامْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا
17552 - حَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رَحِمَهُ اللهُ إِمْلَاءً , ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ شَوْذَبٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ غَنِيمَةً §" أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى ثَلَاثًا , فَيَرْفَعُ النَّاسُ مَا أَصَابُوا , ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيُخَمَّسُ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ وَقَدْ قُسِّمَتِ الْغَنِيمَةُ فَقَالَ: " هَلْ سَمِعْتَ بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ؟ " فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: " كُنْ أَنْتَ الَّذِي تُوَافِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَإِنِّي لَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَوْذَبٍ
17553 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنبأ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَصَابَ رَجُلٌ مِنِ امْرَأَةٍ شَيْئًا دُونَ الْفَاحِشَةِ , فَأَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَعَظُمَ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَعَظُمَ عَلَيْهِ , ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَا أَدْرِي أَعَظُمَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {§أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِي هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " هِيَ لِمَنْ أَخَذَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ التَّيْمِيِّ
17554 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأنا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، قَالَا: §" تَشَاتَمَ رَجُلَانِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا شَيْئًا , وَتَشَاتَمَا عِنْدَ عُمَرَ فَأَدَّبَهُمَا "
§بَابُ السُّلْطَانِ يُكْرِهُ رَجُلًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ نَهْرًا أَوْ يَنْزِلَ بِئْرًا , أَوْ يَرْقَى نَخْلَةً
17555 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أنبأ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، بِبَغْدَادَ , أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ -[560]- الصَّغَانِيُّ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَيَدَاهُ فِي أُذُنَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا لَبَّيْكَاهُ، يَا لَبَّيْكَاهُ، قَالَ النَّاسُ: مَا لَهُ؟ قَالَ: جَاءَهُ بَرِيدٌ مِنْ بَعْضِ أُمَرَائِهِ أَنَّ نَهْرًا حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعُبُورِ , وَلَمْ يَجِدُوا سُفَنًا، فَقَالَ أَمِيرُهُمُ: اطْلُبُوا لَنَا رَجُلًا يَعْلَمُ غَوْرَ الْمَاءِ , فَأُتِيَ بِشَيْخٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ الْبَرْدَ وَذَاكَ فِي الْبَرْدِ , فَأَكْرَهَهُ فَأَدْخَلَهُ , فَلَمْ يُلْبِثْهُ الْبَرْدُ , فَجَعَلَ يُنَادِي: يَا عُمَرَاهُ يَا عُمَرَاهُ فَغَرِقَ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ , فَأَقْبَلَ فَمَكَثَ أَيَّامًا مُعْرِضًا عَنْهُ , وَكَانَ إِذَا وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ , ثُمَّ قَالَ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَعَمَّدْتُ قَتْلَهُ , لَمْ نَجِدْ شَيْئًا يُعْبَرُ فِيهِ , وَأَرَدْنَا أَنْ نَعْلَمَ غَوْرَ الْمَاءِ , فَفَتَحْنَا كَذَا وَكَذَا , وَأَصَبْنَا كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: §: لَرَجُلٌ مُسْلِمٌ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ جِئْتَ بِهِ , لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ , اذْهَبْ فَأَعْطِ أَهْلَهُ دِيَتَهُ , وَاخْرُجْ فَلَا أَرَاكَ
الصفحة 559