كتاب السنن الكبرى للبيهقي (اسم الجزء: 10)

21663 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ , أنبأ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ بِمَكَّةَ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أنبأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ , أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ , حَدَّثَنِي نَبْهَانُ , مُكَاتَبُ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: إِنِّي لَأَقُودُ بِهَا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِالْأَبْوَاءِ قَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا نَبْهَانُ , فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ بَقِيَّةَ كِتَابَتَكِ لِابْنِ أَخِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ , أَعَنْتُهُ بِهِ فِي نِكَاحِهِ , قَالَ: فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ , لَا أُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ أَبَدًا , قَالَتْ: إِنْ كَانَ أَنَّ مَا بِكَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيَّ أَوْ تَرَانِي؟ فَوَاللهِ لَا تَرَانِي أَبَدًا , إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: §" إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمُكَاتَبِ مَا يُؤَدِّي فَاحْتَجِبْنَ مِنْهُ ". وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الْقَدِيمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ سَمِعَهُ مِنْ نَبْهَانَ وَلَمْ أَرَ مَنْ رَضِيتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُثْبِتُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , وَاللهُ أَعْلَمُ ". يُرِيدُ حَدِيثَ نَبْهَانَ وَحَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ ". وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ إِنَّمَا رَوَى حَدِيثَ عَمْرٍو مُنْقَطِعًا , وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَدِيثُ نَبْهَانَ قَدْ ذَكَرَ فِيهِ مَعْمَرٌ سَمَاعَ الزُّهْرِيِّ مِنْ نَبْهَانَ , إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ لَمْ يُخَرِّجَا حَدِيثَهُ فِي الصَّحِيحِ , وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَهُمَا , أَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ حَدِّ الْجَهَالَةِ بِرِوَايَةِ عَدْلٍ عَنْهُ , وَقَدْ رَوَى غَيْرُ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ , إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا , وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ مُكَاتَبٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ يُقَالُ لَهُ نَبْهَانُ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ , وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ رَوَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ مُكَاتَبٌ يُقَالُ لَهُ نَبْهَانُ. وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ , فَعَادَ الْحَدِيثُ إِلَى رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ. -[551]- قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ إِنْ كَانَ أَمَرَهَا بِالْحِجَابِ مِنْ مُكَاتَبِهَا إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي عَلَى مَا عَظَّمَ اللهُ بِهِ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَحِمَهُنَّ اللهُ , وَخَصَّصَهُنَّ بِهِ , وَفَرَّقَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْنَ , ثُمَّ تَلَا الْآيَاتِ فِي اخْتِصَاصِهِنَّ بِأَنْ جَعَلَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ , وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى امْرَأَةٍ سِوَاهُنَّ أَنْ تَحْتَجِبَ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا , وَكَانَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِنْ كَانَ قَالَهُ: " إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ " - يَعْنِي: أَزْوَاجَهُ خَاصَّةً , ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَعَ هَذَا , إِنَّ احْتِجَابَ الْمَرْأَةِ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَرَاهَا وَاسِعٌ لَهَا , وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي: سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ رَجُلٍ قَضَى أَنَّهُ أَخُوهَا , وَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلِاحْتِيَاطِ , وَأَنَّ الِاحْتِجَابَ مِمَّنْ لَهُ أَنْ يَرَاهَا مُبَاحٌ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي مَعْنَاهُ: هَذَا لِيُحَرِّكَهُ احْتِجَابُهُنَّ عَنْهُ عَلَى تَعْجِيلِ الْأَدَاءِ , وَالْمَصِيرِ إِلَى الْحُرِّيَةِ , وَلَا يَتْرُكُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ.

الصفحة 550