كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ - فِيمَنْ أُمِرَ بِحَجَّةٍ1 أَوْ عُمْرَةٍ فِي شَهْرٍ، فَفَعَلَهُ فِي غَيْرِهِ-: أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ.
وَذَكَرَ غَيْرُهُ - فِي مَأْمُومٍ وَافَقَ إمَامًا فِي أَفْعَالِهِ -: أَسَاءَ.
وَظَاهِرُ كَلامِ بَعْضِهِمْ: تَخْتَصُّ الإِسَاءَةُ بِالْحَرَامِ. فَلا يُقَالُ: أَسَاءَ، إلاَّ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ2.
وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَأْثَمُ بِتَرْكِ السُّنَنِ أَكْثَرَ عُمْرِهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَلأَنَّهُ مُتَّهَمٌ أَنْ يَعْتَقِدَهُ غَيْرَ سُنَّةٍ، وَاحْتَجَّا بِقَوْلِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ-: رَجُلُ سُوءٍ، مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ4.
قَالَ فِي "شَرْحِ التَّحْرِيرِ": وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ إطْلاقَ الإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ، إنَّمَا مُرَادُهُ مَنْ اعْتَقَدَ5 أَنَّهُ غَيْرُ6 سُنَّةٍ، وَتَرَكَهُ لِذَلِكَ. فَيَبْقَى كَأَنَّهُ اعْتَقَدَ السُّنَّةَ الَّتِي سَنّهَا الرَّسُولُ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] غَيْرَ سُنَّةٍ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَمُعَانِدٌ لِمَا سَنَّهُ، أَوْ أَنَّهُ تَرَكَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَتَرْكُهُ لَهُ7 كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي قَلْبِهِ مَا لا يُرِيدُهُ الرَّسُولُ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] 8.
__________
1 في ش: بحجّ.
2 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص64.
3 رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد من حديث طويل عن أنس، ورواه مسلم وأبو داود والدارمي عن عائشة.. وأوله: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته ... " والمراد بالسنة: الطريقة، والرغبة عن السنة: الإعراض عنها، وأراد صلى الله عليه وسلم أن التارك لهديه القويم، المائل إلى الرهبانية خارج عن الاتباع، أو معناه: من تركها إعراضاً عنها، غير معتقد لها على ما هي عليه. "انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 3/ 237، صحيح مسلم 2/ 102، نيل الأوطار 6/ 113، 117، سنن النسائي 6/ 50، مسند أحمد 3/ 241، سنن الدارمي 2/ 133".
4 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص64.
5 في ب: اعتقده.
6 في ب: غيره.
7 ساقطة من ش.
8 انظر: شرح الورقات ص26.

الصفحة 421