كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)

أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا ذَلِكَ لِتَحَقُّقِهَا قَبْلَ الشَّرْعِ "فَعَقْلِيَّةٌ" وَهَذَا الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ1.
وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ. فَقَالُوا: الْمُبَاحُ مَا اقْتَضَى نَفْيَ الْحَرَجِ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَذَلِكَ ثَابِتٌ قَبْلَ الشَّرْعِ وَبَعْدَهُ2.
قَالَ الأَصْفَهَانِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ النِّزَاعَ فِيهِ لَفْظِيٌّ. فَإِنْ أُرِيدَ بِالإِبَاحَةِ عَدَمُ الْحَرَجِ عَنْ الْفِعْلِ: فَلَيْسَ حُكْمًا شَرْعِيًّا، لأَنَّهُ قَبْلَ الشَّرْعِ مُتَحَقِّقٌ وَلا حُكْمَ قَبْلَهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا3 الْخِطَابُ الْوَارِدُ مِنْ الشَّرْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَرَجِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، فَهِيَ مِنْ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ4.
"وَتُسَمَّى" الإِبَاحَةُ "شَرْعِيَّةً بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ، أَوْ" بِمَعْنَى "الإِذْنِ" قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ5.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي "الرَّوْضَةِ" - لَمَّا قَسَّمَ الأَفْعَالَ-: "وَقِسْمٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِدَلِيلٍ مِنْ أَدِلَّةِ السَّمْعِ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ دَلَّ السَّمْعُ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ6 طَلَبُ فِعْلٍ وَلا تَرْكٍ. فَالْمُكَلَّفُ بِهِ مُخَيَّرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لا حُكْمَ لَهُ7".
"وَالْجَائِزُ8 لُغَةً: الْعَابِرُ".
__________
1 انظر: الروضة ص21، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 6، شرح تنقيح الفصول ص70، تيسير التحرير 2/ 225، المسودة ص36، المستصفى 1/ 75، الإحكام، الآمدي 1/ 124، نهاية السول 1/ 63، المدخل إلى مذهب أحمد ص64، مختصر الطوفي ص19.
2 المراجع السابقة.
3 في ش: بالإباحة عدم الفعل عن الحرج.
4 وهذا ما صرح به الآمدي "الإحكام، له 1/ 124" وانظر: المسودة ص36، المستصفى 1/ 75.
5 انظر: المسودة ص36-37.
6 كذا في الروضة، وفي ش: به، وساقطة من ز ع ب ض.
7 الروضة ص22، وانظر: المستصفى 1/ 75.
8 ذكر المصنف الجائز بعد المباح، لأن المباح اسم من أسماء الجائز "شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 6".

الصفحة 428