كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)
قَالَ الطُّوفِيُّ فِي "شَرْحِهِ": وَيُسَمَّى1 هَذَا2 النَّوْعُ خِطَابَ الْوَضْعِ وَالإِخْبَارِ3.
أَمَّا مَعْنَى الْوَضْعِ: فَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَ - أَيْ شَرَعَ- أُمُورًا، سُمِّيَتْ أَسْبَابًا وَشُرُوطًا وَمَوَانِعَ، يُعْرَفُ عِنْدَ وُجُودِهَا أَحْكَامُ الشَّرْعِ مِنْ إثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ. فَالأَحْكَامُ تُوجَدُ بِوُجُودِ الأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ، وَتَنْتَفِي4 بِوُجُودِ الْمَانِعِ وَانْتِفَاءِ الأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ.
وَأَمَّا مَعْنَى الإِخْبَارِ: فَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ بِوَضْعِ هَذِهِ الأُمُورِ: أَخْبَرَنَا بِوُجُودِ أَحْكَامِهِ وَانْتِفَائِهَا، عِنْدَ وُجُودِ تِلْكَ الأُمُورِ5 وَانْتِفَائِهَا. كَأَنَّهُ قَالَ مَثَلاً: إذَا وُجِدَ النِّصَابُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَوْلُ الَّذِي هُوَ شَرْطُهُ، فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت عَلَيْكُمْ أَدَاءَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ وُجِدَ الدَّيْنُ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِهَا، أَوْ انْتَفَى السَّوْمُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِهَا فِي السَّائِمَةِ. فَاعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أُوجِبْ عَلَيْكُمْ الزَّكَاةَ. وَكَذَا الْكَلامُ فِي الْقِصَاصِ وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَغَيْرِهَا، بِالنَّظَرِ إلَى وُجُودِ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا، وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهَا وَعَكْسِهِ"6. انْتَهَى.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِطَابِ الْوَضْعِ وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ: أَنَّ الْحُكْمَ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ هُوَ قَضَاءُ الشَّرْعِ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا، وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ: لِطَلَبِ أَدَاءِ مَا تَقَرَّرَ7 بِالأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ
__________
1 ساقطة من ش، وفي ب ض: وسمي.
2 في ش: وهذا.
3 وهو تسمية المجد بن تيمية "المسودة ص80".
4 في ز ب: وتنفى.
5 في د ض: أو.
6 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65، المسودة ص80.
7 في ز: قرر.
الصفحة 435